أحد ؛ فإن كان يأكل لا يمهل حتّى يفرغ ، وإن كان نائما لا يمهل حتّى يستيقظ ، بل ينبّه. وينبغي أن تكتب البطائق في ورق الطير المعروف بذلك.
قال : ورأيت الأوائل لا يكتبون في أوائلها بسملة.
قال : وأنا ما كتبتها قطّ إلا ببسملة للبركة ، وتؤرّخ بالساعة واليوم ، لا بالسنين ؛ وينبغي ألّا يكثر في نعوت المخاطب فيها ، ولا يذكر في البطائق حشو الألفاظ ، ولا يكتب إلّا لبّ الكلام وزبدته. ولا بد أن يكتب شرح الطائر ورفيقه إن كانا طائرين قد سرّحا حتّى إن تأخّر الطائر الواحد رقب حضوره ، أو يطلق لئلّا يكون قد وقع في برج من أبراج المدينة ولا يعمل للبطائق هامش ولا يحمديّ ، وجرت العادة بأن يكتب في آخرها : «وحسبنا الله ونعم الوكيل» ، وذلك حفظ لها.
ومن فصل في وصفها لتاج الدين أحمد بن سعيد بن الأثير كاتب الإنشاء : طالما جادت بها فأضحت مخلفة وراءها تبكي عليها السحب ، وصدق من سمّاها أنبياء للطير ، لأنّها مرسلة بالكتب.
وفيها يقول أبو محمد أحمد بن علوي بن أبي عقبال القيروانيّ :
خضر تفوت الريح في طيرانها |
|
يا بعد بين غدوّها ورواحها |
تأتي بأخبار الغدوّ عشيّة |
|
لمسير شهر تحت ريش جناحها |
وكأنّما الروح الأمين بوحيه |
|
نفث الهداية منه في أرواحها |
وقال غيره :
يا حبّذا الطائر الميمون يطرقنا |
|
في الأمر بالطائر الميمون تنبيها |
فاقت على الهدهد المذكور إذ حملت |
|
كتب الملوك وصانتها أعاليها |
تلقى بكلّ كتاب نحو صاحبه |
|
تصون نظرته صونا وتخفيها |
فما تمكّن عين الشمس تنظره |
|
ولا تجوز أن تلقيه من فيها |
منسوبة لرسالات الملوك فبال |
|
منسوب تسمو ويدعوها تسمّيها |
أكرم بجيش سعيد ما سعادته |
|
ممّا يشكّيك فيها فكر حاكيها |
حما حمى الغار يوم الغار حرمته |
|
فيا لها وقعة عزّت مساعيها! |
وقوفه عند ذاك الباب شرّفه |
|
وللسعادة أوقات تؤاتيها |
ويوم فتح رسول الله مكّته |
|
عند الدّخول إليها من بواديها |
صفّت تظلّل من شمس كتيبته ال |
|
خضر أمطره فيها تواليها |
فظلّلته بما كانت تودّ هوى |
|
لو قابلتها بأشواق فتنهيها |