بخنادقه التي لا تراع من تراعه ، وحضّها بسواري الصواري تحت قلوعه وما هي إلا عمد قلاعه ، وراعى الأدب بين أيدينا الشريفة بمطالعتنا في كلّ يوم بحر قاعه في رقاعه ، حتّى إذا أكمل الستّة عشر ذراعا وأقبلت سوابق الخيل سراعا ، وفتح أبواب الرحمة بتغليقه ، وجد في طلب تخليقه ، تضرّع بمدّ ذراعه إلينا ، وسلم عند الوفاء بأصابعه علينا. ونشر علم ستره ، وطلب لكرم طباعه جبر العالم بكسره ، فرسمنا بأن يخلّق ، ويعلّم تاريخ هنائه ويعلّق ، فكسر الخليج وقد كاد يعلوه فوق موجه ، ويهيل كثيب سدّه هول هيجه ، ودخل يدوس زرابيّ الدور المبثوثة ، ويجوس خلال الحنايا كأنّ له فيها خبايا موروثة. ومرق كالسهم من قسيّ قناطره المنكوسه ، وعلاه زبد حركته ولولاه ظهرت في باطنه من بدور إناثه أشعّتها المعكوسة. وبشر بركة الفيل ببركة الفال ، وجعل المجنونة من تياره المنحدر في السلاسل والأغلال ، وملأ أكفّ الرجا بأموال الأمواه ، وازدحمت في عبارة شكره أفواج الأفواه. وأعلم الأقلام بعجزها عمّا يدخل من خراج البلاد ، وهنأت طلائعه بالطوالع التي نزلت بركاتها من الله على العباد.
وهذه عوائد الألطاف الإلهيّة بنا لم نزل نجلس على موائدها ، ونأخذ منها ما نهبه لرعايانا من فوائدها. ونخصّ بالشكر قوادمها فهي تدبّ حولنا وتدرج ، وتخصّ قوادمها بالثناء والمدح والحمد فهي تدخل إلينا وتخرج.
فليأخذ الجناب العالي حظّه من هذه البشرى التي جاءت بالمنّ والمنح ، وانهلّت أياديها المغدقة بالسّحّ والسفح ، وليتلقّاها بشكر يضيء به في الدجى أديم الأفق ، ويتّخذها عقدا تحيط منه بالعنق إلى النطق ، وليتقدّم الجناب العالي بألّا يحرّك الميزان في هذه البشرى بالجباية لسانه ، وليعط كلّ عامل في بلادنا بذلك أمانه ، وليعمل بمقتضى هذا المرسوم حتّى لا يرى في أسقاط الجباية خيانة ، والله يديم الجناب العالي لقصّ الأنباء الحسنة عليه ، ويمتّعه بجلاء عرائس التهاني والأفراح لديه.
وكتب الأديب تقيّ الدين أبو بكر بن حجّة بشارة عن الملك المؤيّد شيخ ، سنة تسع عشرة وثمانمائة :
ونبدي لعلمه الكريم ظهور آية النيل الّذي عاملنا الله فيه بالحسن وزيادة ، وأجراه لنا في طرق الوفاء على أجمل عادة ، وخلق أصابعه ليزول الإيهام فأعلن المسلمون بالشهادة ، كسر بمسرى فأمسى كلّ قلب بهذا الكسر مجبورا ، وأتبعناه بنوروز وما برح هذا الاسم بالسعد المؤيديّ مكسورا ، دقّ قفا السودان فالراية البيضاء من كلّ قلع عليه ،