ممّا يكون غيرك الفائز بفوائده وأنت المطالب بإثمه ، وفي أرزاق المجاهدين بالديار المصرية والشاميّة ما يغنيهم عن هذه الأكلة التي تكون غدا نكالا وجحيما ، وطعاما ذا غصّة وعذابا أليما.
فتصفّح ما سطّرناه لك من هذه الأساطير التي هي عزائم مبرمات ، بل آيات محكمات ، وتحبّب إلى الله وإلى أمير المؤمنين باقتفاء كتابها ، وابن لك بها مجدا يبقى في عقبك إذا أصيبت البيوت في أعقابها ؛ وهذا الذي ينطق عليك بأنّه لم يأل في الوصايا التي أوصاها ، فإنّه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها.
ثمّ إنّه قد ختم بدعوات دعا بها أمير المؤمنين عند ختامه ، وسأل فيها خيرة الله التي تتنزّل من كلّ أمر منزلة نظامه. ثمّ قال : إنّي أشهدك على من قلّدته شهادة تكون عليه رقيبة وله حسيبة ، فإني لم آمره إلا بأوامر الحقّ التي فيها موعظة وذكرى ، ولمن تبعها هدى ورحمة وبشرى ، وإذا أخذ بها فلج بحجّته يوما يسأل فيه عن الحجج ، ولم يختلج دون رسوله على الحوض في جملة من يختلج ، وقيل له : لا حرج عليك ولا إثم إذ نجوت من ورطات الإثم والحرج. والسلام.
قال الفقيه عمارة اليمني (١) ـ يرثي العاضد ـ وكان من خواصّهم :
يا عاذلي في هوى أبناء فاطمة |
|
لك الملامة إن قصّرت في عذلي |
بالله زر ساحة القصرين وابك معي |
|
عليهما لا على صفّين والجمل |
وقال بعض الشعراء يمدح بني أيّوب على ما فعلوه :
ألستم مزيلي دولة الكفر من بني |
|
عبيد بمصر ، إنّ هذا هو الفضل |
زنادقة شيعيّة باطنيّة |
|
مجوس وما في الصالحين لهم أصل |
يسرّون كفرا ، يظهرون تشيّعا |
|
ليستروا شينا ، وعمّهم الجهل |
وقال حسان عرقلة (٢) :
أصبح الملك بعد آل عبيد |
|
مشرفا بالملوك من آل شاذي |
__________________
(١) في شذرات الذهب : ٤ / ٢٣٤ : هو الفقيه عمارة بن علي بن زيدان أبو محمد الحكمي المذحجي اليمني الشافعي ، الفرضي نجم الدين نزيل مصر وشاعر مصر ... شنقه صلاح الدين في رمضان سنة ٥٦٩ ه لمحاولته مع غيره إعادة الدولة العبيدية.
(٢) في شذرات الذهب : ٤ / ٢٢٠ : هو حسان بن نمير المعروف بعرقلة ، كان شيخا خليعا مطبوعا أعور العين منادما ، اختصّ بصلاح الدين ، وكان قد وعده صلاح الدين أنه إذا أخذ مصر يعطيه ألف دينار. توفّي سنة ٥٦٧ ه.