البركات ، ومواطن العبادات ، والمساجد التي تأكّد في تعظيمها وإجلالها حكمه ، والبيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وأن يرتّب لها من الخدم من يتبتّل لإزالة أدناسها ، ويتصدّى لإذكاء مصابيحها في الظلام وإيناسها ، ويقوم لها بما يحتاج إليه من أسباب الصلاح والعمارات ، ويحضر إليها ما يليق من الدّهن والكسوات.
وأمره باتّباع سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الّتي أوضح جددها ، وثقّف عليهالسلام أودها ، وأن يعتمد فيها على الأسانيد التّي نقلتها الثقات ، والأحاديث الّتي صحّت بالطرق السليمة والروايات ، وأن يقتدي بما جاءت به من مكارم الأخلاق التّي ندب صلىاللهعليهوسلم إلى التمسك بسببها ، ورغّب أمته في الأخذ بها والعمل بأدبها ، قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧] ، وقال سبحانه وتعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠].
وأمره بمجالسة أهل العلم والدين ، وأولي الإخلاص في طاعة الله واليقين ، والاستشارة بهم في عوارض الشكّ والالتباس ، والعمل بآرائهم في التمثيل والقياس ؛ فإنّ في الاستشارة بهم عين الهداية ، وأمنا من الضلال والغواية وألّا يلقح عقم الأفهام والألباب ، ويقتدح زناد الرشد والصواب ، قال الله تعالى في الإرشاد إلى فضلها ، والأمر في التمسك بحبلها : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران : ١٥٩].
وأمره بمراعاة أحوال الجند والعسكر في ثغوره ، وأن يشملهم بحسن نظره وجميل تدبيره ، مستصلحا شأنهم بإدامة التلطّف والتعهّد ، مستوضحا أحوالهم بمواصلة التفحّص عنها والتفقّد ، وأن يسوسهم بسياسة تبعثهم على سلوك المنهج السليم ، ويهديهم في انتظامها واتّساقها إلى الصراط المستقيم ، ويحملهم على القيام بشرائط الخدم ، والتّمسّك منها بأقوى الأسباب وأمتن العصم ، ويدعوهم إلى مصلحة التواصل والائتلاف ، ويصدّهم عن موجبات التخاذل والاختلاف ، وأن يعتمد فيهم شرائط الحزم في الإعطاء والمنع ، وما تقتضيه مصلحة أحوالهم من أسباب الخفض والرفع ؛ وأن يثيب المحسن منهم على إحسانه ، ويسبل على المسيء ما وسعه العفو واحتمل الأمر ذيل صفحه وامتنانه ، وأن يأخذ برأي ذوي التجارب منهم والحنكة ، ويجتني بمشاورتهم ثمر البركة ؛ إذ في ذلك أمن من خطأ الانفراد ، وتزحزح عن مقام الزّيغ والاستبداد.
وأمره بالتبتّل لما يليه من البلاد ، ويتّصل بنواحيه من ثغور أولي الشّرك والعناد ؛ وأن يصرف مجامع الالتفات إليها ، ويخصّها بوفور الاهتمام بها والتطلّع عليها ، وأن يشمل ما ببلاده من الحصون والمعاقل بالإحكام والإتقان ، وينتهي في أسباب مصالحها إلى غاية الوسع والإمكان ، وأن يشحنها بالميرة الكثيرة والذخائر ، ويمدّها من الأسلحة والآلات بالعدد المستصلح الوافر ، وأن يتخيّر لحراستها من الأمناء الثّقات ، ويسدّها بمن