الدين ، إلى فلان. ثمّ توجّه هو والعسكر إلى القاهرة ، فدخلوا في يوم الثلاثاء ثاني ربيع الآخر بعد أن تلقّاهم النّاس إلى قطيا (١) وإلى الصالحيّة وإلى بلبيس ، وحصل للناس من الفرح بذلك ما لا مزيد عليه ، ونادى في الناس برفع المظالم والمكوس.
وعمل الحافظ أبو الفضل بن حجر في المستعين قصيدته المشهورة وهي :
الملك أصبح ثابت الأساس |
|
بالمستعين العادل العبّاسي |
رجعت مكانة آل عمّ المصطفى |
|
لمحلّها من بعد طول تناس |
ثاني ربيع الآخر الميمون في |
|
يوم الثلاثا حفّ بالأعراس |
بقدوم مهديّ الأنام أمينهم |
|
مأمون غيب طاهر الأنفاس |
ذو البيت طاف به الرجاء فهل يرى |
|
من قاصد متردّد في الياس |
فرع نما من هاشم في روضة |
|
زاكي المنابت طيّب الأغراس |
بالمرتضى والمجتبى ، والمشتري |
|
للحمد للحالي به والكاسي |
من أسرة أسروا الخطوب وطهّروا |
|
ممّا بغيرهم من الأدناس |
أسد إذا حضروا الوغى وإذا خلوا |
|
كانوا بمجلسهم ظباء كناس (٢) |
مثل الكواكب نورهم ما بينهم |
|
كالبدر أشرق في دجى الأغلاس |
وبكفّه عند العلامة آية |
|
قلم يضيء إضاءة المقباس |
فلبشره للوافدين مباسم |
|
تدعى وللإجلال بالعبّاسي |
فالحمد لله المعزّ لدينه |
|
من بعد ما قد كان في إبلاس (٣) |
بالسادة الأبرار أركان العلا |
|
من بين مدرك ثاره ومواس |
نهضوا بأعباء المناقب وارتقوا |
|
في منصب العليا الأشمّ الراسي |
تركوا العدى صرعى بمعترك الردى |
|
فالله يحرسهم من الوسواس |
وإمامهم بجلاله متقدّم |
|
تقديم «بسم الله» في القرطاس |
لولا نظام الملك في تدبيره |
|
لم يستقم في الملك حال الناس |
كم من أمير قبله خطب العلا |
|
وبجهده رجعته بالإفلاس |
حتّى إذا جاء المعالي كفؤها |
|
خضعت له من بعد فرط شماس (٤) |
طاعت له أيدي الملوك وأذعنت |
|
من نيل مصر أصابع المقياس |
فهو الذي قد ردّ عنّا البؤس في |
|
دهر به لولاه كلّ الباس |
وأزال ظلما عمّ كلّ معمّم |
|
من سائر الأنواع والأجناس |
__________________
(١) قطيا : لم يرد ذكرها في معجم البلدان.
(٢) الكناس : بيت الظبي.
(٣) الإبلاس : قلّة الخير ، الحزن.
(٤) الشماس : الامتناع والرفض.