نقوده علنا ، فلربما أصابوه بمكروه ، وقد يصل الأمر إلى ما هو أخطر ، وأهم من النقود ، حيث أن أهل المدينة جميعا ، أغنياءهم وفقراءهم ينتظرون مقدم الحجيج سنويا ؛ ومهما بلغت الصدقات ، ومهما بذل الإنسان فى سبيلها فهى فى محلها ، ولها ثوابها ، ولكن من الأفضل ، والواجب ، أن تكون سرا.
الروضة المطهرة من الداخل :
لقد تيسر لى أنا العبد الفقير إلى ربه الدخول إلى داخل الروضة المطهرة مع ولى النعمة حسين باشا.
ولقد ارتدينا ملابس طاهرة ، نظيفة ، حلالا ، وكنا نردد فى خشوع وبهجة ، الصلوات الطيبات على فخر الكائنات. وقد أقبل شيخ الحرم ، وفى معيته ثنتا عشر طواشيا ، وهم يحملون المباخر ، ومراود الطيب ، واصطفوا أمام المقصورة النبوية.
__________________
ثم رويدا رويدا بدأوا يكلفون بآعمال ادارية داخل السراى ، وفى أجنحة الحريم .. وقد وصل البعض من هؤلاء الخدم البيض إلى الوزارة ، والصدارة العظمى ..
أما الطواشية الزنوج فقد كانوا فى أدنى المراتب فى الخدمة ، وكان يطلق عليهم (الأدنى). وكان الخادم الجديد يمثل فى بادئ الأمر بين يدى آغا در السعادة» أى بين يدى خادم العتبة السلطانية. ثم يسلم إلى «مربى الأوضة ـ اوضه لاله س» ، وبعدها بصبح من الخواص. ثم يرسل أقدمهم تباعا إلى «الأغا غلام الباب الرئيسى» لقيده فى سجلات السراى.
وكان جميع هؤلاء من الطواشية أى من الخصيان ثم يربون على الطاعة ، والخضوع وأول دروسهم تقبيل اليد ممن هم أقدم منهم من المربيين ، وهم آيضا من الطواشية. وكان يطلق على الحديث منهم الآغا الآعجمى» أى الذى لا يعرف شيئا بعد.
وكان خمسة منهم يمسكون نوبة الخدمة على باب الحريم فى السراى السلطانى ، أو على باب الحريم فى أى قصر. ويطلق علي أقدمهم «قلفة النوبة». وكان آغا عتبة السعادة هو الذى يسلمهم المفاتيح ويتسلمها منهم عند تجديد النوبة.
يتلو فى المرتبة «الأوسط» ؛ وهم بدورهم أربع درجات ، أقدمهم يتولى تنظيم النوبتجيات ، النوبات أمام الأبواب ، ويشرف عليهم ، رهم المسئولون عن فتح وغلق الأبواب .. ثم يتدرج الأقدام فيعيّن غلاما على الباب الرئيسى ، ويصل إلي أن يكون هو المسئول عن بوابة السراى الرئيسية. ثم يحظى صاحب الحظ الوفير منهم على لقب «آغا عتبة السعادة». وهذه أعلى منزلة فى السراى السلطانى.
وفى سنة ١١٢٧ ه ـ ١٧١٥ م لما تولى داماد على باشا والى مصر الصدارة فى عصر السلطان أحمد الثالث ، أصدر أوامره بإلغاء نظام الطواشة لكى يتخلص من لقب الطواشى الذى كان يلازمه خاصة وأن الطواشية الزنوج أى السود كانوا يجلبون من السودان إلي مصر ، ومنها إلى بقية ولايات الإمبراطورية. بعد أن يتم خصيهم فى مصر. بالرغم من هذا المنع ، إلا أن هذا لم يمنع الدولة العثمانية ، وإن كان بشكل أقل.
وكان آغا در السعادة أى آغا عتبة السعادة عند تغيير السلطان ، أو كبر سن الأغا يبعث به للعمل والخدمة فى الحرمين الشريفين. «المترجم»