للحديث «دار الحديث» وسبعون نزل لعابرى السبيل والغرباء ، ولبعضها أوقاف كثيرة تمكنها من أن توزع على الحجيج عسل ، وشربات محلى بالسكر. وهناك ثلاثة أماكن ؛ بها صنابير مياه ، ينزل إليها بحوالى عشرين أو ثلاثين درجة من درجات السلالم الحجرية وتصلها المياه من ماء «عين الزرقاء» التى تصل إلى المدينة ، وهم من خيرات السلطان سليمان. وعلى بعض الأسبلة (١) كتبت الآية الكريمة (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١))(٢) وعلى البعض الآخر نقشت الآية (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨))(٣).
وفى الواقع ؛ ليس هناك فى المدينة ما هو أعز ، وأندر من المياه وإذا ما قام واحد من أصحاب الخيرات بتوصيل الماء إلى مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم وبنى حوضا للمياه فيكون له ثواب ألف حجة ، وكم من الحكام قد وفدوا إلي هذه الديار المشرفة ، ولكن لم يتيسر لأى منهم ، القيام بهذا الخير الميسر ، ولم ينل هذا الثواب. وبعض الحجاج الغرباء ينوون الوضوء ، ويتوقون الزيارة ، فيضطرون إلي شراء إبريق من الماء من أحد الفقراء ، وقد يصل ثمنه إلي أكثر من قطعتين من النقود ، ليتوضئ به ، فهم حقا يتحملون
__________________
لقد اصبح للحمام التركى نمطه المعمارى الخاص به ؛ ويتكون فى الغالب من غرفة لتغيير الملابس ، على هيئة رواق كبير ، ويعلوها قبتان ، الواحدة من وراء الأخرى ، وتتصل الأخيرة بالغرفة الدافئة ، وبها هى الأخرى قبة ترتفع فوق أعمدة تستند على الجدران ، ثم يلى ذلك غرفة ساخنة بها حوض الماء الساخن ، وتتسع الجوانب لإضافة حنيات ركنية ، وتوجد فى قمة كل قبة كوة نافذة تسمح بدخول الضوء ، توجد فى الغرفه الدافئة ، وغرفة تغيير الملابس المجاورة ، أحواض تتوسطها النافورات فى الغالب. وكان للحمامات دور كبير فى الجوانب الاجتماعية إلى جانب دورها فى النظافة ، والطهارة ، والاغتسال.
ولسوف نرى تفصيلا عن حمامات المدينة فى كتاب مرآة المدينة الذى ستصدر ترجمته قريبا بإذن الله. «المترجم»
(٤) الخانات : كانت الخانات بمثابة النزل ، أو الفنادق المعدة لإستقبال الحجاج ، أو التجار وبضائعهم ودوابهم ، وبحيث تغطى منشآتها كل هذه الاحتياجات .. وكان بعضها على طرق القوافل وداخل المدن.
(١) الأسبلة : حرصت الحضارة الإسلامية على تعميم الأسبلة ، والششم «عيون المياه» والصنابير فى كل البلاد ، وكانت تبنى فى واجهات المساجد ، والمدارس .. وما تزال هذه المنشآت باقية إلى الأن وقد حرص السلاطين والخلفاء والحكام المسلمون على تعميمها .. وكان اسلوب البناء والنقش والزخرفة يتغير تبعا لظروف المبانى التى الحقت بها. أما الأسبلة ذات الجوانب الأربعة ، فقد ارتفعت فى مواضعها كالقيلا ، أو الأكشاك الصغيرة ، وسط الميادين العامة ، وأضفى هذا عليها فخامة وروعة ، وجهزت هذه الأسبلة بالماء الجارى وزخرفت واجهتها بالزخارف الجميلة ، وكان منها ذات الواجهتين أو ذات الشعبتين.
وسنرى تفصيلا لها فى كتاب مرآة المدينة المنورة الذى ستصدر ترجمته قريبا إن شاء الله تعالى «المترجم»
(٢) سورة الإنسان آية ٢١.
(٣) سورة الإنسان آية ١٨.