قال : أقول فيه خيرا ، أقول : أنّه أمير المؤمنين ، وسيد البشر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقالوا له : كفرت يا عدوّ الله. ثمّ حملت عليه عصابة منهم فقتلوه ، ثمّ مثلوا به وقطّعوه ووجدوا معه رجلا من أهل الذمّة ، فقالوا له : من أنت؟
قال : رجل من أهل الذمّة ، فتركوه. ثمّ جاء إلينا ذلك الذّميّ ، فأخبرنا بذلك. وقد سألت عنهم ، فلم يخبرني أحد عنهم بشيء ، فليكتب اليّ أمير المؤمنين برأيه فيهم والسلام) (١).
فكتب إليه الإمام عليّ عليهالسلام : (أما بعد ، فقد فهمت ما ذكرت من العصابة الّتي مرّت بك فقتلت البرّ المسلم ، وآمن عندهم المخالف الكافر ، وأن أولئك قوم استهواهم الشيطان فضلّوا ، وكانوا كالذين حسبوا ألا تكون فتنة ، فعموا وصمّوا ، فاسمع بهم وأبصر يوم تخبر أعمالهم ، والزم عملك ، وأقبل على خراجك ، فإنّك كما ذكرت في طاعتك ونصيحتك ، والسلام) (٢).
وكان الإمام عليّ عليهالسلام يوصي (عمّاله) الرفق بالرعيّة ، والاهتمام بشؤون الناس جميعا ، فقد كتب كتابا إلى قرضة بن كعب جاء فيه : (أما بعد ، فإنّ رجالا من أهل الذمّة من عملك ، ذكروا أنّ نهرا في أرضهم قد عفا ودفن ، وفيه لهم عمارة على المسلمين ، فانظر ، أنت وهم ، وأصلح النهر ، فلعمري لئن يعمروا ، أحبّ اليّ من أن يخرجوا ، أو يقصّروا في واجب من صلاح البلاد ، والسلام) (٣).
ومن المتناقضات والمفارقات في هذه الدنيا" وما أكثرها" فقد كان لقرضة بن كعب ولدان هما" عمرو" و" عليّ". فكان عمرو من أصحاب
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٥١٧.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٧٩.