رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحجّة أنّهم يختلفون في روايتها ، وقال كلمته المشهورة : (.. فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه) (١).
ولمّا جاء عمر للخلافة بعد أبي بكر ، سار على سنّة أبي بكر ، وأمر الناس ألّا يحدّثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى لا يختلفوا ، ولقد بلغ من شدته في تنفيذ هذا الأمر ، أن حبس ثلاثة من كبار الصحابة هم : " عبد الله بن مسعود" و" أبو الدرداء" و" أبو مسعود الأنصاري" لأنّهم أكثروا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا مع شدّة احتياطهم في رواياتهم.
ونتيجة لذلك فقد قلت رواية الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتّى قال أبو عمر الشيباني : (كنت أجلس إلى أبي مسعود حولا لا يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذته الرعشة وقال : (هكذا ، أو نحوذا ، أو قرب ذا) (٢).
وكان أبو هريرة ، ممن يكثرون الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد عمر ، فسأله أبو سلمة يوما : (أكنت تحدّث في زمان عمر هكذا؟). فقال أبو هريرة : (لو كنت أحدّث في زمان عمر مثلما أحدّثكم لضربني بمخفقته) (٣).
وعند ما خرج الإمام عليّ عليهالسلام إلى حرب صفّين واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري ، تخلّف بعضهم ، واختبأ البعض الآخر عن اللّحاق بجيش الإمام ، فصعد أبو مسعود المنبر وقال : (أيّها الناس ، من كان تخبّأ فليظهر ، فلعمري لئن كان إلى الكثرة ، إنّ أصحابنا لكثير ، وما نعدّه قبيحا أن يلتقي هذان الجبلان غدا من المسلمين ، فيقتل هؤلاء هؤلاء ،
__________________
(١) محمّد حسنين هيكل ـ الفاروق عمر. ج ٢ / ٢٨٨.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) نفس المصدر اعلاه