(أمّا بعد .. فإنه كان من أمر عليّ وطلحة والزبير وعائشة ما قد بلغك فقد سقط الينا مروان في رافضة أهل البصرة وقد قدّم عليّ جرير بن عبد الله في بيعة عليّ وحبست نفسي عليك حتّى تأتيني فاقدم على بركة الله). (١)
فأرسل عمرو بن العاص إلى ولديه عبد الله ومحمّد واستشارهما في كتاب معاوية فقال له ابنه (عبد الله) : (أيّها الشيخ إنّ رسول الله قبض وهو عنك راض ومات أبو بكر وعمر وهما راضيان عنك فإنك إن تفسد دينك بدنيا يسيرة تصبها مع معاوية فتضطجعان غدا في النار). (٢)
أما ابنه (محمّد) فقد قال : (بادر هذا الأمر فكن فيه رأسا قبل أن تكون ذنبا) ، عندها أنشد عمرو وقال (٣) :
تطاول ليلي من هموم الطوارق |
|
وخوف الّتي تجلو وجوه العوائق |
فإنّ ابن هند سالني أن أزوره |
|
وتلك الّتي فيها نبات البوائق |
أتاه جرير من عليّ بخطة |
|
أمرت عليه العيش من كلّ دانق |
فإنّ نال منه ما يؤمل ردّه |
|
فإن لم ينله ذلّ ذلّ المطابق |
فو الله ما أدري وإنّي لهكذا |
|
أكون ومهما قادني فهو سائقي |
أأخدعه فالخدع فيه دنية |
|
أم أعطه من نفسي نصيحة وامق |
أم أجلس في بيتي وفي ذاك راحة |
|
لشيخ يخاف الموت في كلّ شارق |
وقد قال عبد الله قولا تعلّقت |
|
به النفس إن لم يقتلني عوائق |
وخالفه فيه أخوه محمّد |
|
وإنّي لصلب العود عند الحقائق |
فلمّا سمع ابنه عبد الله شعر أبيه قال : (بال الشيخ على عقبيه وباع دينه
__________________
(١) نصر بن مزاحم ـ وقعة صفّين. ج ١ / ٣٩ ، وتاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٨٤.
(٢) نفس المصدر الاوّل والثانى. ج ٢ / ١٨٥.
(٣) المصدر الاول السابق. ج ١ / ٤٠ والثاني نفسه.