فقال جرير : (إنّي لست فاعلا ، إلا أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين فأنت أمير ، وأنا أمير) (١). ثمّ ذهب جرير نحو الجسر ، فلقيه مهران بن باذان عند النخيله ، فوقعت بينهما معركة ، قتل فيها مهران ، وقد اشترك في قتله كلّ من المنذر بن الحسّان ، وجرير بن عبد الله ، وقد اختصما في سلبه ، فأخذ جرير السلاح ، وأخذ المنذر المنطقة (٢).
وجرير : هو سيّد قبيلة بجيلة ، وفيهم قال الشاعر : (٣)
لو لا جرير هلكت بجيلة |
|
نعم الفتى وبئس القبيلة |
وقيل : تفاخر جرير (أيّام الجاهلية) مع خالد بن أرطأة الكلبيّ ، فذهبا إلى الأقرع بن حابس (وكان عالم العرب في زمانه) ليكون حكما بينهما ، فقال الأقرع لخالد : قل ما عندك ، فقال : (٤) (ننزل بالبراح ، ونطعن بالرماح ، ونحن فتيان الصباح).
ثم التفت إلى جرير وقال له : هات ما عندك ، فقال : (نحن أهل الذهب الأصفر ، والأحمر المعتصر ، نخيف ولا نخاف ، ونطعم ولا نستطعم ، ونحن حيّ اللقاح ، نطعم ما هبّت الرياح ، نضمن الدهر ونصوم الشهر ، ونحن الملوك لقسر) (٥).
فقال الأقرع لجرير : (واللّات والعزّى لو نافرت قيصر ملك الروم وكسرى عظيم الفرس والنعمان ملك العرب لنفرت عليهم) (٦). وقال عمر بن خشارم البجليّ في تلك المفاخرة :
__________________
(١) ابن حبان ـ الثقات. ج ٢ / ٢٠٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٣٤.
(٣) القلقشندي ـ نهاية الأدب. ص ١٦٤. وابن العماد ـ شذرات الذهب. ج ١ / ٥٨.
(٤) الآلوسي ـ بلوغ الأرب. ج ١ / ٣٠١.
(٥) المصدر السابق.
(٦) نفس المصدر السابق.