فمنذ سنة (٥٣٦) (١) للميلاد أصبح رئيس أو (شيخ القبيلة) أو (عامل) يسمى) heralyhP (وهذا اللقب العادي الذى يعرف به صاحب السلطة في ولاية بلاد العرب (٢). وكانت سلطة (العامل) آنذاك مقيّدة بسلطة الحكّام المدنيين والحربيين المعيّنين من قبل السلطة المركزية ، وكان من عادة الروم عند تعيينهم (العامل) أن تكون عليه مسحة من التمدّن ، وذلك لغرض حراسة حدودهم من إخوانهم سكان الصحراء (٣).
كما أنّ سلطة عمّال الروم كانت تتعدّى حدود ولايتهم ، فنرى أنّ الامبراطور (يوستينيان) قد رقّى الحارث بن جبلة (٤) الى رتبة ملك ، وولّاه سلطة على قبائل عربية أخرى ، وكان غرضه من ذلك أن يكون خصما في وجه المنذر (٥). وكان (العمّال الصغار) الّذين تحت أمرة (العامل الأكبر) يرجعون إليه في زمن الحرب ، كما ويرجعون إليه في زمن السلم ، وقد تحدث أو (تحصل) منازعات وحروب فيما بين (العمّال أنفسهم) ، ففى أواسط القرن السادس للميلاد ، نشبت الحرب بين الحارث بن جبلة وبين (الأسود) (٦) وهما عاملين من عمال الروم في سوريا (٧).
أما الأمير : فهو زعيم الجيش أو الناحيه (الجهه) ونحو ذلك ممّن يوليه
__________________
(١) سنة ٥٣٥ للميلاد أي ٤٤ سنة قبل الهجرة.
(٢) بلاد العرب : هي بلاد حوران والبلقاء.
(٣) المستشرق الألماني نولدكه ـ أمراء غسان ص ٩.
(٤) الحارث بن جبلة الغساني هو أول أمراء آل جفنه ، وآل جفنه استولوا على الحكم في سوريا بعد انتصارهم على (الضجاعمة) من قبائل (سليح) الّذين يرجعون إلى سلالة (زوكوموس) الّذي عاش في أواخر القرن الرابع الميلادي وكان هذا عاملا لدى الروم في سوريا. (نولدكه ـ أمراء غسان ص ١١).
(٥) المنذر : وهو أحد ملوك المناذرة في (الحيرة) الخاضع للنفوذ الفارسي آنذاك ، وقد حدثت معركة بينه وبين الحارث بن جبلة سنة (٥٥٤) للميلاد ، انتهت بمقتل المنذر.
(٦) الأسود : أحد أمراء كندة.
(٧) نولدكه ـ أمراء غسان ص ١٧.