ذلك ، قال الشاعر (١) :
يا ربّ جود جرّ فقر امرئ |
|
فقام الناس مقام الذليل |
فاشدد عرى مالك واستبقه |
|
فالبخل خير من سؤال البخيل |
وقيل إنّ رجلا من أهل الكوفة ، هرب من زياد بن أبيه خوفا منه ، وذات يوم مرّ زياد على جماعة ، فشاهد رجلا ، فسأل عنه ، فقيل له : (هذا أوفى بن حصن الطائي). فقال زياد : (أتتك بحائن رجلاه) (٢).
فقال أوفى :
إنّ زيادا أبا المغيرة لا |
|
يعجل والناس فيهم عجلة |
خفتك والله فأعلمن حلفي |
|
خوف الخفافيث (٣) صولة الأصّله |
فجئت إذ ضاقت البلاد فلم |
|
يكن عليها لخائف وأله (٤) |
وكان زياد بن أبيه قد حفر في البصرة نهر (معقل) وطلب من معقل أن يفتتحه لأنّه من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ أعطى زياد لأحد رجاله ألف درهم ، وقال له : اذهب واسأل الناس : من الّذي حفر نهر معقل؟ فإذا قال أحدهم : إنّه نهر زياد فأعطه الألف درهم.
فخرج ذلك الرجل ، وأخذ يسأل الناس : من الّذي حفر نهر معقل؟
فكلهم كانوا يجيبونه بأنه «نهر معقل». فرجع الرجل إلى زياد بن أبيه واخبره بذلك. فقال زياد : (ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء) (٥). وحينما الحقّ نسب زياد بأبي سفيان ، علم بأن العرب سوف لن تعترف له ، ولا تقرّ
__________________
(١) النويري ـ نهاية الإرب. ج ٣ / ٢١٦.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) الخفافيث : مفردها (حيّة) وهي من أخبث الحيات.
(٤) من أمثال العرب ، وقيل إنّ أوّل من قاله هو عبيد بن الأبرص.
(٥) جمع الوزير ابن المغربي ـ الإيناس بعلم الأنساب. ص ١٩٢.