ذهبت قريش بالمكارم كلّها |
|
واللؤم تحت عمائم الأنصار |
فلمّا سمع النعمان بن بشير بهذه الأبيات ، ذهب إلى معاوية ، فخلع عمامته عن رأسه وقال : يا امير المؤمنين : أترى لؤما؟
فقال معاوية : بل أرى كرما وخيرا ، فماذا دهاك!! قال النعمان : زعم الأخطل بأن اللؤم تحت عمائم الأنصار. فقال له معاوية : (لك لسانه فأقطعه) (١). وجيء بالأخطل حالا ، فطلب ان يدخلوه على يزيد بن معاوية اولا ، فأدخلوه فطمأنه يزيد ثمّ دخل على أبيه ، وطلب منه إخلاء سبيل الأخطل ، لأنّه شاعرهم الّذي يمدحهم ، فأطلق معاوية سراحه وأسترضى النعمان.
وعند ما كان النعمان بن بشير أميرا على (الكوفة) ، امره معاوية بزيادة رواتب أهل الكوفة عشرة دنانير لكل واحد منهم فلم يدفعها لهم النعمان ، وذلك لأنّه يكرههم لحبهم لعليّ بن أبي طالب.
وخطب النعمان بن بشير ذات يوم فصاح أهل الكوفة : (ننشدك الله والزيادة). فقال لهم النعمان : اسكتوا. فقام إليه عبد الرحمن بن همّام السلوليّ فقال (٢) :
زيادتنا نعمان لا تحبسّنها |
|
خف الله فينا والكتاب (٣) الّذي تتلو |
فإنك قد حمّلت منّا أمانة |
|
بما عجزت عنه الصلاخمة (٤) البزل (٥) |
فلا يك باب الشرّ تحسن فتحه |
|
لدينا ، وباب الخير أنت له قفل |
__________________
(١) ابو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني ج ١٦ / ٢٩ ، ٣٦.
(٢) المصدر السابق. ج ١٦ / ٣١.
(٣) الكتاب : كان النعمان بن البشير إذا خطب على منبر الكوفة يكثر من قراءة القرآن ، كان يقول : لا ترون على منبركم هذا أحدا من بعدي يقول سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال.
(٤) الصلاخمة : الجمال الصلبة الشديدة.
(٥) البزل : جمع بازل وهو الجمل الّذي انشق نابه.