فيئكم ، وألّا أحمل فضل (١) فيئكم عنكم إلّا برضاكم ، ووصيّة عمر بن الخطاب الّتي أوصى بها عند وفاته ، وبسيرة عثمان بن عفّان ، الّتي سار بها في المسلمين ، فاتقوا الله ، واستقيموا ، ولا تختلفوا ، وخذوا على أيدي سفهائكم ، وإلا تفعلوا ، فلوموا أنفسكم ولا تلوموني ، فو الله لأوقعنّ بالسقيم العاصي ، ولأقيمن درء الأصعر المرتاب). (٢)
فقام إليه السائب بن مالك الأشعري فقال : (أمّا ما أمر فيه ابن الزبير ، ألا تحمل فضل فيئنا عنّا إلّا برضانا ، فإن نشهدك ، بأنّنا لا نرضى أن يحمل فضل فيئنا عنّا ، وألّا يقسّم إلّا فينا ، وألّا يسار فينا إلّا بسيرة عليّ بن أبي طالب ، الّتي سار بها في بلادنا هذه حتّى قتل رحمهالله ، ولا حاجة لنا في سيرة غيره ممن ذكرت). (٣)
ثم قام يزيد بن أنس وقال : (صدق السائب بن مالك ، ورأينا في رأيه ، وقولنا مثل قوله). فقال عبد الله بن مطيع : نسير فيكم بكلّ سيرة أحببتموها وهويتموها ، ثمّ نزل.
وكان عبد الله بن مطيع ، هو القائد (الثاني) (٤) لجيوش أهل المدينة ، الّذين ثاروا على يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (٥) (وذلك بعد مقتل الحسين عليهالسلام حيث أخذ يزيد وعماله يظلمون الناس ، وانشغل بلهوّه وخموره) فأرسل يزيد جيشا كبيرا بقيادة (مسلم بن عقبة المريّ) فوقعت
__________________
(١) فضل فيئكم : أي عمّا زاد من الخراج ، بعد تقسيم أعطياتكم عليكم.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٦ / ١٠.
(٣) نفس المصدر السابق.
(٤) الثاني : وكان القائد الآخر هو : عبد الله بن حنظلة بن الراهب ، وكان على جيش الأنصار.
(٥) فطردوا أميرها عثمان بن محمّد بن أبي سفيان ، وطردوا مروان بن الحكم ، وطردوا كذلك الأمويين الموجودين في المدينة.