والسمر ، والسماع والمعاقرة ، وقد تضايق بشر من روح بن زنباع ، فشكى أمره إلى بعض ندمائه ، فقال له أحدهم : سأعمد إلى حيلة تنجيك منه ، فتمكن هذا من الذهاب (خفية) إلى دار روح بن زنباع ، وكتب على حائط غرفته الأبيات التالية : (١)
يا روح من لبنيات وأرملة |
|
إذا نعاك لأهل المغرب الداعي |
إنّ ابن مروان قد حانت منيته |
|
فاحتل لنفسك يا روح بن زنباع |
ولا يغرّنك إبكار منعمة |
|
واسمع هديت مقال الناصح الداعي |
وحينما جاء روح بن زنباع ، ودخل غرفته ، وقرأ تلك الأبيات ، فخاف كثيرا ، وقال : لا مقام لي في العراق بعد اليوم ، فذهب إلى بشر بن مروان ، وطلب منه السماح له بالذهاب إلى دمشق لمواجهة عبد الملك. ولمّا وصل روح إلى دمشق ودخل على عبد الملك فتعجب منه وقال له : ما سبب مجيئك يا روح؟ ألأمر كرهته؟ أم أنّ حادث حدث لبشر؟ فقال روح : لا هذا ولا ذاك ، وإنّما لأمر أدهى وأعظم ، ثمّ أخبره بقصته. وأنشده الأبيات.
فضحك عبد الملك كثيرا وقال لروح : لقد ثقلت على بشر وأصحابه حتّى احتالوا عليك بما رأيت فلا تخف.
وكان بشر بن مروان ، إذا صلى العصر ، خلا بنفسه في غرفة من غرف القصر فيأخذ من الشراب ما لذّ منه وطاب ، وليس معه سوى خادمه (أعين). فأخذت (هند) (٢) تتجسس عليه حتّى عرفت خبره ، فبعثت خادم لها ، فاشترى لها أطيب الشراب وأرقه وأصفاه ، وهيئأت طعاما شهيا
__________________
(١) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٥ / ٢١٥.
(٢) هند : هي بنت أسماء بن خارجة الفزاري ، تزوجت من عبيد الله بن زياد ، وكانت تحبه حبا كبيرا ولمّا مات جزعت عليه حتّى قالت يوما : لإني لأشتاق إلى القيامة لأرى وجه عبيد الله بن زياد ، ثمّ تزوجها بعده بشر بن مروان ، فولدت له (عبد الملك) ثمّ مات بشر وتزوجها الحجّاج بن يوسف الثقفيّ ثمّ طلقها.