فكتب اليها : (١)
لو لا مخافة بشر أو عقوبته |
|
أو أن يشدّ على كفي مسمار (٢) |
إذن لعطلت ثغري (٣) ثمّ زرتكم |
|
إنّ المحبّ إذا ما اشتاق زوار |
فأجابته ابنة عمّه :
ليس المحبّ الّذي يخشى العقاب ولو |
|
كانت عقوبته في فجوة النار |
بل المحبّ الّذي لا شيء يفزعه |
|
أو يستقرّ ومن يهواه في الدار |
ولمّا قرأ ابن عمّها الكتاب ترك (ثغره) وذهب اليها وهو يقول : (٤)
أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم |
|
أخشى الّذي أنا منه غير منتصر |
فشأن بشر بلحمي فليعذبه |
|
أو يعف عفو أمير خير مقتدر |
فما أبالي إذا أمسيت راضية |
|
يا هند ما نيل من شعري ومن بشري |
ثم ذهب الشاب إلى البصرة ، ولمّا رآه الواشون ، ذهبوا إلى بشر بن مروان وأخبروه بهروبه ، فأمر بشر بإحضاره ، ولمّا جيء بالشاب ، قال له بشر : يا فاسق ، تركت ثغرك!! هاتوا الكرسي. فقال الشاب : أعزّ الله الأمير ، إنّ لي عذرا ، فأنشده الأبيات المارة الذكر ، فقبل عذره ورقّ قلبه له ، وكتب إلى المهلّب بن أبي صفرة بإعفائه (٥) ، وقيل أعطاه بشر عشرة آلاف درهم ،
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٣٨٠. وابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٢ / ٢١٤.
(٢) فعن الشعبي أنه قال : إذا ترك الرجل مركزه الحربي ، أو أخلّ أو تخلف عن الالتحاق بالمركز الحربي ، كانت عقوبته أيّام عمر وعثمان وعليّ هي : نزع عمامته ، والتشهير به أمام الناس ، ولمّا جاء مصعب بن الزبير قال : (ما هذا بشيء) وأضاف إلى تلك العقوبة حلق الرأس واللحية ، ولمّا جاء بشر بن مروان ، كان يعلق الرجل على الحائط ، وتدق يداه بالمسامير إلى أن يموت ، أو أن يخرق المسمار كفه فيسلم ، وعند ما جاء الحجّاج كانت عقوبته القتل لكل من يتخلف ، أو أن يعصى له أمرا.
(٣) الثغر : المركز الحربي ، أو جهة الحرب ، وتقابلها الآن : المعسكر.
(٤) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٥ / ٢١٤.
(٥) أبو عليّ القالي ـ الأمالي. ج ٢ / ٣٠.