وقال له : إلحق بابنة عمّك. (١)
وقيل إنّ بشر بن مروان لمّا ولّاه أخوه إمارة العراقين ، كتب إليه يقول : (أما بعد يا أمير المؤمنين ، فإنّك قد شغلت إحدى يدي ، وهي اليسرى ، وبقيت يدي اليمنى فارغة لا شيء فيها). فكتب إليه عبد الملك قائلا : (فإنّ أمير المؤمنين ، قد شغل يمينك بمكة والمدينة والحجاز واليمن). وحينما وصل الكتاب إلى بشر ، أصيبت يمينه بالقرحة ، فاقترح عليه الأطباء بقطعها ، ثمّ أخذت القرحة تسير حتّى وصلت إلى كتفه ، عندها كتب إلى أخيه عبد الملك يقول : (أما بعد يا أمير المؤمنين ، فإني كتبت اليك وأنا في أوّل يوم من أيّام الآخرة ، وآخر يوم من أيّام الدنيا) ، ثمّ ختم رسالته بهذه الأبيات : (٢)
شكوت إلى الله الّذي أصابني |
|
من الضرّ ما لم أجد لي مداويا |
فؤاد ضعيف مستكين لما به |
|
وعظم بدا خلو من الهمّ عاريا |
فإن متّ يا خير البرية فالتمس |
|
أخا لك يغني عنك مثل غنائيا |
يواسيك في السراء والضرّ جهده |
|
إذا لم تجد عند البلاء مواسيا |
وقيل دخل الحسن البصري على بشر بن مروان (أمير البصرة) وكان بشرا جالسا على سرير عليه فراش وثير ، كاد أن يغوص فيه ، ورجل واقف عند رأسه يحمل سيفه ، فقال له بشر : من أنت؟ فقال : (أنا الفقيه ، حسن البصري) فقال له بشر : إجلس. ثمّ سأله بشر : ماذا تقول في زكاة أموالنا؟ أندفعها إلى السلطان ، أم إلى الفقراء؟ فقال الحسن البصري : (أيّهما فعلت ، أجزأ عنك). فتبسم بشر وقال : (لشيء ما يسود من يسود). وعند العشاء ، ذهب الحسن البصري إلى بشر بن مروان مرّة ثانية ، فرآه قد نزل
__________________
(١) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٥ / ٢١٣.
(٢) المصدر السابق. ج ٥ / ٢١٦.