عذاب (١).
وعند ما سمع يوسف بن عمر (أثناء توليته الكوفة) بأن الوليد قرّر عزله عن الكوفة ، ذهب إلى الشام وحمل معه الأموال الطائلة ، والهدايا النفيسة ، وعند ما رأى الوليد ذلك قال ليوسف : (إذهب إلى عملك) أو (ارجع إلى عملك) (٢).
وأمّا الأمراء في العصر العبّاسي : فإنّ أمرهم يختلف كثيرا عمّا لاحظناه في العصرين السابقين ، فقد جاءت الدولة العباسيّة ، على أنقاض الدولة الأمويّة ، فسفكت الدماء الكثيرة (لتوطيد الحكم) وطورد الأمويّون وراء كل حجر ومدر ، وقال أمين الريحاني عن تلك الفترة : (استولى العباسيّون على الملك بمذبحة تلتها مذابح في سوريا وفلسطين والعراق ، وقد اقتدى أربابها بأبي العبّاس السفّاح) (٣).
وقال عبد الله (المحض) (٤) مخاطبا (عبد الله بن عليّ) (٥) حينما أراد هذا أن يقتل بني أميّة في الحجاز : (إذا أسرعت بالقتل في أكفائك ، فمن تباهي بسلطانك ، فاعفو يعفو الله عنك) (٦).
وخطب أبو جعفر المنصور قائلا :
(أيّها الناس ، إنّما أنا سلطان الله في أرضه ، أسوسكم بتوفيقه ، وحارسه على ماله ، أعمل فيه بمشيئته وإرادته ، وأعطيه بإذنه ، فقد جعلني قفلا ، إن
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٧ / ٢٤٨ والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٥ / ٤٣٢.
(٢) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ١٣٨ والمسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٢١٦ وأبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٧ / ٤٩.
(٣) جورج جرداق ـ الإمام عليّ / صوت العدالة الإنسانيّة. ص ١٧٩.
(٤) عبد الله المحض : هو ابن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب : قتله المنصور سنة ١٤٥ للهجرة.
(٥) عبد الله بن عليّ بن عبّاس بن عبد المطلب : عمّ الخليفة أبو جعفر المنصور.
(٦) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٢ / ١٨٨.