شاء يفتحني لإعطائكم ، وقسم أرزاقكم ، وإن شاء أن يقفلني عليه فقفلني) (١).
لذا فقد امتلأت خزائن بغداد بالأموال وفاضت ، وكانت تلك الأموال من نصيب الخلفاء وأبنائهم ، ووزرائهم ، والجواري والخصيان ، وكان من نتائج ذلك الترف والنعيم أن كثر المجون ، وشرب الخمور ، ولعب القمار. أمّا الناس ، وكلّ الناس الآخرين ، بما فيهم أهل المواهب والكفاءات ، فلهم البؤس والشقاء والحرمان (٢).
وقال أبو العتاهية مخاطبا خليفة زمانه (٣) :
من مبلغ عنّي الإمام نصائحا متواليه |
|
إنّي أرى الأسعار ، أسعار الرعيّة عاليه |
وأرى المكاسب نزوة ، وأرى الضرورة فاشيه |
|
وأرى غموم الدهر رائحة ، تمرّ وغاديه |
وأرى اليتامى والأرامل ، في البيوت الخاليه |
|
من بين راج لم يزل يسمو إليك ، وراجيه |
يشكون مجهدة بأصوات ضعاف عاليه |
|
يرجون رفدك كي يروا ، مما لقوه العافيه |
من مصبيات جوع تمسي وتصبح طاويه |
|
من للبطون الجائعات وللجسوم العاريه؟ |
ألقيت أخبارا إليك من الرعية ، شافيه |
هذه لمحة عابرة عن المجتمع العبّاسي الاوّل ، أمّا ما تلاه من العصور
__________________
(١) جورج جرداق ـ الإمام عليّ / صوت العدالة الإنسانيّة ص ١٨١.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) المصدر أعلاه ص ١٨٣.