المدائن. فكتب مصعب إلى يزيد بن الحارث بن رويم (أمير المدائن) يأمره بمحاربة ابن الحرّ ، فأرسل يزيد ابنه (حوشب) فتلاقى الجيشان في (باجسرا). (١) فدارت بينهما معركة ضارية انهزم فيها حوشب ، ثمّ جاء ابن الحرّ ودخل المدائن وتحصّن فيها ، ثمّ أخذ يغير على السواد ويجبي الخراج ، وفي ذلك قال ابن الحرّ : (٢)
سلوا ابن رويم عن جلادي وموقفي |
|
بإيوان كسرى لا أليهم ظهري |
أكرّ عليهم معلما وتراهم |
|
كمفرى تحنّى خشية الذئب بالصخر |
وبيتهم في حصن كسرى بن هرمز |
|
بمشحوذة بيض وخطيّة سمر |
فأجزيتهم طعنا وضربا تراهم |
|
يلوذون فيا موهنا بذرى القصر |
يلوذون منّي رهبة ومخافة |
|
لواذا كما لاذ الحمائم من صقر |
وعند ما استولى الخوارج على ما بين الأهواز وأصفهان سنة (٦٨) للهجرة ، فأخذوا يقتلون وينهبون ، ثمّ ذهبوا إلى الريّ (٣) وكان أميرها حينذاك يزيد ابن رويم ، فقاتلهم يزيد ابن رويم قتالا شديدا ، ولمّا رأى كثرتهم ، وأنّه لا قدرة له على قتالهم ، دخل المدينة واعتصم بها ، ثمّ جاء الخوارج فحاصروه ، فلمّا طال عليه الحصار ، خرج وقاتلهم ومعه ابنه (حوشب) وأثناء المعركة ترك (حوشب) أباه يقاتل لوحده وهرب ، ثمّ انقلب أهل الريّ ، وانظموا إلى الخوارج فقتل يزيد بن رويم وقتلت معه زوجته (لطيفة) ، فقال الشاعر في حوشب : (٤)
مواقفنا في كلّ يوم كريهة |
|
أسر وأشفى من مواقف حوشب |
__________________
(١) باجسرا : اسم منطقة قرب ناحية أبي صيدا (با صيدا) في محافظة ديالى.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٦ / ١٣٥.
(٣) الريّ : عاصمة خراسان.
(٤) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٢٨٥. والمبرد ـ الكامل. ج ٣ / ٣٤٣. والزركلي ـ الأعلام. ج ٩ / ٢٣١.