(كتيبة كميل بن زياد) مع ابن الأشعث فأرسل لها الحجّاج ثلاث كتائب بقيادة الجرّاح الحكميّ ، ورغم الحملات الكثيرة والكثيفة على كتيبة القرّاء لم يتمكّن الجرّاح من قتل أيّ شخص منهم. (١) وفي معركة (دير الجماجم) أيضا خرج عبد الله بن رزّام الحارثي إلى كتيبة الحجّاج فطلب مبارزته ، فخرج إليه رجل فقتله ثمّ كرّر ذلك ثلاثة أيّام يقتل كلّ يوم رجلا من شجعان جيش الحجّاج ، وفي اليوم الرابع طلب المبارزة أيضا ، فقال الحجّاج للجراح الحكميّ : (أخرج إليه) فخرج إليه الجرّاح ، فقال له عبد الله الحارثي (وكان صديقا له) : ويحك يا جراح لماذا خرجت إليّ ، فقال الجرّاح : قد ابتليت بك ، فقال له عبد الله الحارثي : سوف أنهزم أمامك وترجع أنت إلى الحجّاج فيرضى عنك ، وأما أنا فسوف أحتمل ما يقوله الناس في هزيمتي حبّا لسلامتك فإنّي لا أحبّ أن أقتل من قومي مثلك. فحمل عليه الجرّاح فانهزم الحارثي أمامه ثمّ تلاحقت حملات الجرّاح على الحارثي وهو يهرب أمامه ، وكان الجرّاح في حملته الأخيرة قد صمم فعلا على قتل الحارثي ، فلمّا رآى غلام الحارثي ذلك قال للحارثي : إنّ الجرّاح يريد قتلك ، عندها أخذ الحارثي عمودا فضرب الجرّاح على رأسه فسقط على الأرض ثمّ قال الحارثي لغلامه : أسكب الماء على وجهه ليستفيق ، ولمّا أفاق الجرّاح قال له الحارثي : (بئس ما جزيتني أردت بك العافية وأردت بي المنية). (٢)
وعند ما ذهب الجرّاح إلى خراسان أميرا عليها سنة (١٠١) للهجرة كتب إلى عمر بن عبد العزيز : (إنّي قدمت خراسان ووجدت قوما قد أبطرتهم الفتنة فهم ينزون فيها نزوا أحبّ الأمور اليهم أن تعود ليمنعوا حقّ الله عليهم فليس يكفهم الّا السيف والسوط وكرهت الإقدام على ذلك إلّا
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٦ / ٣٥٠.
(٢) المصدر السابق. ج ٦ / ٥٥٩.