وعند ما ترك مسلمة العراق ، وعاد إلى الشام ، مدحه رجل من أهل الشام فقال : (١)
إنّ الّذي مدّ علينا نعمه |
|
وقد أحاطت بالعراق الدمدمه |
دعوة مشؤوم دعا بالمشأمة |
|
فأتبع الظالم قوم ظلمه |
فالله منهم بمسلمة |
|
من بعدما وبعدما وبعدمه |
كانت بنات الموت عند الغلصمه |
|
كادت الحرّة أن تدعى أمه |
وقال مسلمة لأخيه يزيد بن عبد الملك : يا أمير المؤمنين ، أيّهما أحبّ اليك؟ أخوك أم ابن أخيك؟ قال : بل أخي. فقال مسلمة : فأخوك أحقّ بالخلافة. فقال يزيد : إذا لم تكن في ولدي ، فأخي أحقّ بها من ابن أخي كما قلت. فقال مسلمة : إنّ ابنك لم يبلغ سن الرشد فبايع لهشام ، ومن بعده لأبنك الوليد فبايع يزيد بولاية العهد لأخيه هشام ، ومن بعده لأبنه الوليد.
ثمّ عاش يزيد حتّى كبر ابنه الوليد وبلغ سن الرشد ، فكان كلّما رآه تحسر وقال : (الله بيني وبين من جعل هشاما بيني وبينك). (٢)
وكان مسلمة بن عبد الملك ، أولى بالخلافة من سائر أخوته ، ولكنه لم يل الخلافة لأن أمّه كانت (أمّه) (٣) ، وكان الأمويون لا يولّون خليفة إلّا من أصل عربيّ. (٤)
وتسابق أبناء عبد الملك فيما بينهم ، فسبقوا مسلمة ، ولمّا سمع عبد الملك قال متمثلا بقول عمرو بن مبرد العبدي : (٥)
__________________
(١) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ٢٥.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٩١.
(٣) الأمه : الغير عربية ، الخادمة من السبي.
(٤) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ٥ / ١٢ والزركلي ـ الأعلام. ج ٨ / ١٢٢.
(٥) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٣ / ١٤.