وليل كموج البحر أرخى سدوله |
|
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي |
فقلت له لما تمطّى بصلبه |
|
وأردف إعجازا وناء بكلكل |
ألا أيّها اللّيل الطويل ألا إنجلي |
|
بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
فيا لك من ليل كأنّ نجومه |
|
بكلّ مفاز الفتل شدت بيذبل |
فطرب الوليد وأخذ يحرك رجلاه ، فقال (الشعبي) : بانت القضية.
وجاء الشعراء : (كثير عزّة والأحوص ونصيّب) إلى عمر بن عبد العزيز أيّام خلافته ، وكانت تربطهم بينه صداقة قديمة ، فلم يأذن لهم بالدخول عليه ، فذهبوا إلى مسلمة بن عبد الملك ، فقال لهم : أما بلغكم أنّ أمير المؤمنين لا يقبل الشعر؟ فقالوا له : لم نكن نعلم ذلك ، فمكثوا عند مسلمة ضيوفا أربعة أشهر ، ومسلمة يطلب لهم الأذن من عمر ، فلا يؤذن لهم ، وذات يوم جمعة كان للعامّة ، فدخلوا عليه مع عامّة الناس ، فقال كثيّر عزه : يا أمير المؤمنين : طال الثواء ، وقلت الفائدة وتحدث العرب بجفائك إيّانا.
فقال عمر بن عبد العزيز : يا كثيّر ، (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ). (١) أفي واحد من هؤلاء أنت؟ قال كثيّر : نعم. فقال عمر بن عبد العزيز : ما أرى ضيف أبي سعيد (٢) منقطعا به.
فقال كثيّر : يا أمير المؤمنين ، أتأذن لي في الإنشاد؟ قال عمر : نعم ، ولا تقل إلا حقّا. فقال كثيّر : (٣)
وليت فلم تشتم عليّا ولم تخف |
|
بريّا ولم تقبل إشارة مجرم |
__________________
(١) سورة التوبة. الآية : ٦٠.
(٢) أبو سعيد : كنية مسلمة بن عبد الملك.
(٣) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٢ / ٨٨ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٤٣.