الملك بن مروان حين ثار عليه عمر بن سعيد الأشدق سنة (٦٨) للهجرة ، كما وجعله الحجّاج بن يوسف الثقفيّ على ميمنة جيشه في معركة (دير الجماجم). وكان عبد الرحمن الكلبيّ أيضا مع مسلمة بن عبد الملك في حربه مع يزيد بن المهلّب ، ثمّ بعد أن تولّى مسلمة (أو جمعت له ولاية العراقين) وخراسان سنة (١٠٢) للهجرة تولى عبد الرحمن بن سليم الكلبيّ إمارة البصرة. (١)
وذهب عبد الرحمن إلى المهلّب بن أبي صفرة أيّام حروبه مع الأزارقة فرأى أبناء المهلّب جميعهم متقلدين السيوف والرماح وهم يحاربون جنبا إلى جنب مع أبيهم (المهلّب) ، فقال عبد الرحمن : (شدّ الله الإسلام بتلاحقكم ، فو الله لئن لم تكونوا أسباط نبوّة إنّكم أسباط ملحمة) (٢).
وكان الحجّاج بن يوسف الثقفيّ قد أرسل عبد الرحمن الكلبيّ لمحاربة مطهر بن عمّار بن ياسر ، ولمّا وصل إلى حلوان أرسل له الحجّاج مددا مع (تخيت الغلط) (٣) وأرسل معه كتابا إلى عبد الرحمن ، فمرّ (تخيت) بالمدد وهم يعرضون في خانقين. (٤) وعند ما وصل (تخيت) سأله عبد الرحمن : أين تركت مددنا؟ فقال (تخيت) : (تركتهم يخنقون بعارضين). قال عبد الرحمن : أو يعرضون بخانقين. قال تخيت : نعم ، اللهم لا تخانق في باركين.
وعند ما ذهب (تخيت) الغلط ليجلس أراد عبد الرحمن أن يقول له : ألا تريد أن تتغدّى؟ قال له ألا تضرط؟ قال تخيت : قد فعلت ، أصلحك الله.
فقال عبد الرحمن : ما هذا قصدت ، قال تخيت : صدقت ولكن الأمير غلط
__________________
(١) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٣ / ٣٠٣.
(٢) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٧ / ١٩٨. والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ٢ / ٦٦.
(٣) تخيت الغلط : قيل له ذلك لكثرة غلطه.
(٤) خانقين : مدينة حدودية مع إيران تقع في محافظة ديالى.