ثمّ قال : (١)
فلست لعامر إن لم تروني |
|
أمام الخيل أطعن بالعوالي |
وأضرب هامة الجبار منهم |
|
بعضب الحدّ حودت بالصقال |
فما أنا بالحروب بمستكين |
|
ولا أخشى مصاولة الرجال |
أبى لي والدي من كلّ ذمّ |
|
وخالي في الحوادث خير خال |
فلمّا سمع أهل الصغد بمجيء سعيد الحرشي ، خافوا على أنفسهم ، فقال لهم ملكهم : (لا تفعلوا ، أقيموا واحملوا السلاح معه ، وأعطوه خراج عمّا مضى من مدد سابقة ، واعتذروا إليه). (٢)
وقيل ذات يوم لعمر بن هبيرة ، بأن سعيد الحرشي قال : (بأنّ عمر بن هبيرة ما هو إلا عامل من عماله) ، فغضب عليه ابن هبيرة فعزله وعذّبه.
وكان سعيد الحرشي ، لا يخاطب ابن هبيرة بالإمارة ، وإنّما يناديه بكنيته : (أبو المثنّى). وكان سعيد يقول أيضا : (لو طلب منّي عمر درهما واحدا يضعه في عينه لما أعطيته).
ولمّا عذّبه ابن هبيرة ، أعطاه كل ما أراد ، فقيل له : ألم تزعم أنّك لا تعطيه درهما واحدا؟ فقال سعيد : (ألا ترى أنّ الحديد قد آلمني).
فقال أذينة بن كليب أو (كليب بن أذينة): (٣)
تصبّر أبا يحيى فقد كنت علمنا |
|
صبورا ونهاضا بثقل المغارم |
وتمرّ الأيّام ، ويدور دولاب الزمان ، ويأتي خالد بن عبد الله القسريّ أميرا على العراق وعلى المشرق كلّه ، فيهرب عمر بن هبيرة ، فيطلب خالد القسريّ من سعيد الحرشي أن يتعقبه ويقبض عليه ، فيخرج سعيد في طلب
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ١٠٤.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) تاريخ الطبري. ج ٧ / ١٦.