وبعد أن تصالح الضحّاك مع عبد الله بن عمر (كما ذكرنا سابقا) ذهب الضحّاك لمحاربة مروان بن محمّد ، وعند وصوله إلى (كفر توتا) من أرض الجزيرة ، دارت معركة بينه وبين مروان بن محمّد ، قتل فيها الضحّاك ، وذلك سنة (١٢٨) (١) للهجرة ، وبعث مروان بن محمّد برأس الضحّاك فطافوا به في مدائن الجزيرة.
وعند ما ذهب يزيد بن عمر بن هبيرة إلى حرب الضحّاك بن قيس الشيبانيّ ، قال الشاعر الذائع الصيت (بشار بن برد) قصيدة طويلة ، يثير فيها الحماس بالرجال المقاتلين ، نقتطف منها الأبيات الآتية : (٢)
إذا كنت في كل الأمور معاتبا |
|
صديقك لم تلق الّذي لا تعاتبه |
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه |
|
مفارق ذنب مرة ومجانبه |
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى |
|
ضمئت وأي الناس تصفو مشاربه |
ومن ذا الّذي ترضى سجاياه كلها |
|
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه |
يخاف المنايا إن ترحلت صاحبي |
|
كأنّ المنايا في المقام تناسبه |
فقلت له : إنّ العراق مقامه |
|
وخيم ، إذا هبت عليك جنائبه |
ومنها :
رويدا تصاهل بالعراق جيادنا |
|
كأنّك بالضحّاك قد قام نادبه |
وسام لمروان ، ومن دونه الشجا |
|
وهول كلحّ البحر ، جاشت غواربه |
أحلت به أمّ المنايا بناتها |
|
بأسيافنا ، إنّا ردى من نحاربه |
ومنها :
بعثنا لهم موت الفجاءة ، إنّنا |
|
بنو الموت ، خفّاق علينا سبائبه |
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ٣٣٩. وتاريخ الطبري. ج ٧ / ٣٤٥. وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٧ / ٢٦٦. وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج ١٠ / ٢٨.
(٢) بطرس البستاني ـ منتقيات أدباء العرب. ص ٢٢.