وقيل : كان أبو سلمة الخلّال ، يسهر كلّ ليلة عند أبي العباس السفّاح في مدينة الأنبار واستمر على تلك الحالة أربعة أشهر ، وعند خروجه من أبي العباس ذات ليلة مظلمة ، كمن له جماعة ، فقتلوه ، وقطّعوه بسيوفهم ، وقيل إنّ السفّاح هو الّذي قتله لاعتقاده بأن الخلّال يميل إلى آل عليّ بن أبي طالب. (١)
وعند ما قتل أبو سلمة الخلّال (ليلا) ، أشاعوا (صباحا) بأنّ الخوارج قد قتلت الخلّال ثمّ صلّى عليه يحيى بن محمّد بن عليّ ودفن في مدينة (الهاشميّة) بالأنبار.
فقال سليمان بن المهاجر البجليّ : (٢)
إنّ المساءة قد تسرّ وربما |
|
كان السرور بما كرهت جديرا |
إنّ الوزير وزير آل محمّد |
|
أودى فمن يشناك وزيرا |
وقيل إنّ أبا مسلم الخراساني كتب إلى أبا العباس السفّاح ، يشير إليه بقتل أبا سلمة الخلّال لأنّه نكث ، وغيّر ، وبدّل ، فقال السفّاح : (ما كنت لأفتتح دولتي بقتل رجل من شيعتي ولا سيّما مثل أبي سلمة وهو صاحب هذه الدعوة ، وقد عرّض نفسه وبذل مهجته وأنفق ماله ، وناصح إمامه ، وجاهد عدوّه). (٣)
ولمّا سمع أبو مسلم الخراساني ما قاله السفّاح ، خاف على نفسه من الخلّال ، فأرسل من يقتله. ولمّا سمع أبو العبّاس السفّاح بقتل أبي سلمة
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٤٢١. والزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ٢٦٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي. ج ٣ / ٩٠. وتاريخ الطبري. ج ٧ / ٤٥٠. والمسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٢٧١. والقاضي التنوخي. نشوار المحاضرة. ج ٨ / ١٩٧.
(٣) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٣٧٠.