بجمع المسلمين ، فإنّك إذا سرت بمن معك ، ... وكنت أعزّ عزّا ، وأكثر يا أمير المؤمنين ، إنّك لا تستبقي من نفسك بعد العرب باقية ، ولا تمتنع من الدنيا بعزيز ، ولا تلوذ منها بحريز ، إنّ هذا اليوم له ما بعده من الأيّام ، فأشهده برأيك وأعوانك ولا تغب عنه) (١).
ثمّ قام الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فقال : (أما بعد ، يا أمير المؤمنين ، فإنّك إن شخّصت أهل الشام من شامهم ، سارت الروم إلى ذراريهم ، وإن شخّصت أهل اليمن من يمنهم ، سارت الحبشة إلى ذراريهم ، وإنك إنّ شخّصت من هذه الأرض ، انتفضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها ، حتّى يكون ما تدع من وراءك ، أهم إليك مما بين يديك من العورات والعيالات ، أفرر هؤلاء في أمصارهم ، واكتب إلى البصرة ، فليتفرّقوا إلى ثلاث فرق ، فلتقم فرقة لهم في حرمهم وذراريهم ، ولتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينتفضوا عليهم ، ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مددا لهم ، إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا قالوا : هذا أمير العرب وأصل العرب ، فكان ذلك أشدّ لكلبهم ، وألّبتهم على نفسك ، وأمّا ما ذكرت من مسير القوم ، فإن الله هو أكره لمسيره منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره ، وأمّا ما ذكرت من عددهم ، فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، ولكّننا كنّا نقاتل بالنصر) (٢). فقال عمر : أجل والله.
ثمّ اختار عمر قائدا للجيوش (٣) ، وكتب إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان (أمير الكوفة) أن يستنفر أهل الكوفة مع النعمان والذهاب إلى نهاوند.
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٤ / ٢٣٩.
(٢) المصدر السابق. ج ٤ / ٢٣٤.
(٣) قائد الجيوش : النعمان بن مقرن المزني.