عزل العبّاس بن موسى بن عيسى وبقي أميرا على الكوفة لمدة ثلاثة أشهر ثمّ عزله وولّى مكانه جعفر بن جعفر بن أبي جعفر المنصور (١).
وجاء نصيب الأصغر من الحجاز إلى الكوفة ، فدخل على إسحاق بن الصباح (وكان صديقا له) وكان عند إسحاق جماعة يوزع عليهم برّا وتمرا ، فيحملونه على إبلهم وأعطى لنصيب جارية حسناء ، يقال لها (مسرورة) فأردفها خلفه ومضى وهو يقول (٢) :
إذا احتقبوا برّا فأنت حقيبتي |
|
من البشريّات الثقال الحقائب |
ظفرت بها من أشعثي مهذّب |
|
أغرّ طويل الباع جمّ المواهب |
فدى لك يا إسحاق كلّ مبخل |
|
ضجور إذا عضت شداد النوائب |
إذا ما بخيل القوم غيّب ماله |
|
فما لك عدّ حاضر غير غائب |
إذا اكتسب القوم الثراء فإنّما |
|
ترى الحمد غنما من كريم المكاسب |
وقال أيضا يمدح إسحاق بن الصباح (٣) :
كأن ابن الصباح وكندة حوله |
|
إذا ما بدا بدر توسّط أنجما |
على أنّ في البدر المحاق وأنّه |
|
تمام فما يزداد إلّا تتما |
مات إسحاق بن الصباح الكندي سنة (؟) للهجرة في مصر (٤).
وقيل ولدت لإسحاق بن الصباح بنت فتألم كثيرا ، وامتنع عن الطعام والشراب ، فدخل عليه (البهلول) (٥) وقال له : (أيّها الأمير ، ما هذا الحزن والجزع؟ جزعت لخلق سوي ، وهبه الملك العليّ ، أيسرك أن يكون مكانها
__________________
(١) تاريخ خليفة ابن خياط. ج ١ / ٤٦٢.
(٢) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٣ / ١٧.
(٣) الجاحظ ـ الحيوان. ج ٥ / ٣٨٨ ويحيى الشامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص ٥٩.
(٤) البراقي ـ تاريخ الكوفة.
(٥) البهلول : هذا لقبه ، وكنيته أبو وهيب الصير في الكوفي ، من ألمع الزهاد في العصر العباسي الأول ، تظاهر بالبلاهة فسمي البهلول ، مات سنة (١٩٠) للهجرة.