إنّ عمّار بن ياسر ، لم يكن أميرا من أمراء الكوفة ، الّذين نحن بصددهم ، وإنّما كان باستثناء (عليّ وابنه الحسن عليهماالسلام) أميرا بإيمانه ، وبصلاحه وتقواه.
جاء أبوه (ياسر) وعمّاه (الحارث ومالك) من اليمن إلى مكّة ، يبحثون عن أخ لهم قد فقدوه ، فرجع عمّاه (الحارث ومالك) إلى اليمن ، وبقي (ياسر) بمكّة فحالف أبا حذيفة المغيرة بن عبد الله ، ثمّ زوجه أبو حذيفة من أمة يقال لها (سمية بنت خباط) فولدت له عمّارا ، فأعتقه أبو حذيفة (١).
وكان عمّار من السابقين في الإسلام ، هو وأبوه وأمّه وكان إسلامه وإسلام صهيب في وقت واحد في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
وقد تحمّلت أمّه (سميّة) أنواع العذاب في سبيل إسلامها ، وقد قتلها أبو جهل ، فكانت حقّا أوّل شهيدة في الإسلام (٢).
وكان الرسول الأكرم ، يذهب إلى المكان الّذي يعذّب فيه آل ياسر ، فيحييهم ، ويكبّر صمودهم وبطولتهم ، ويقول لهم : (صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنّة) (٣).
وذهب إليهم الرسول الكريم ذات يوم (كعادته) فناداه عمّار قائلا : يا رسول الله ، لقد بلغ منّا العذاب كلّ مبلغ ، فناداه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : (صبرا .. أبا اليقظان صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنّة) (٤).
وأخذ المشركون يعذبون عمّارا ذات يوم ، ولم يتركوه حتّى نال من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولمّا جاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتفقده ، قال عمّار : (يا رسول الله ،
__________________
(١) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٣ / ٢٤٦ والمنتخب من ذيل المذيل ـ تاريخ الطبري. ص ٥٠٨.
(٢) المزي ـ تهذيب الكمال. ج ٢١ / ٢١٦.
(٣) خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٨٧.
(٤) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج ١ / ١٥٠.