المؤمنين بهذا الرأس والبرده وقل له : وجهت إليك الدنيا والآخرة) (١). ثمّ بعث كتابا إلى المأمون جاء فيه : (أما بعد ، فإنّ المخلوع ، وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللّحمة ، لقد فرق الله بينهما في الولاية والحرمة ، لمفارقته عصمة الدين ، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين قال الله عزوجل : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)(٢) ، ولا حيلة لأحد في معصية الله ، ولا قطيعة في ذات الله ، وقتل المخلوع ، ورده الله رداء نكبه ، وأحمد لأمير المؤمنين بنعمته ، والراجع إليه بمعلوم حقّه ، والكائد له ممّن ختر عهده ، ونكث وعده ، حتّى ردّ الألفة بعد تفريقها ، وأحيا الأحلام بعد درس أثرها ومكّن له الأرض بعد شتات الأهل) (٣).
وبعد ما قتل الأمين ، وتمّت البيعة للمأمون في العراق ، تولى طاهر بن الحسين رئاسة شرطة بغداد ، ثمّ ولّاه المأمون : الجزيرة والشام والمغرب ثمّ الموصل ، وذلك سنة (١٩٨) للهجرة (٤).
وفي شهر محرم من سنة (٢٠٥) للهجرة ، تولّى طاهر بن الحسين من مدينة بغداد إلى أقصى عمل المشرق (ومعنى هذا أنّ بضمنها مدينة الكوفة) ولّاه إيّاها المأمون ثمّ أعطاه عشرة آلاف ألف درهم (٥).
وعند ما كان طاهر بن الحسين في (الرّقة) وكان راكبا جواده ، ومعه
__________________
(١) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٢ / ٢٥٠.
(٢) سورة هود : الآية ٤٦.
(٣) النويري ـ نهاية الأرب. ج ٥ / ١٤٧.
(٤) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٠ / ١٤١ والزركلي ـ الأعلام. ج ٣ / ٢٢١.
(٥) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٠ / ١٤١ وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج ٢ / ١٧٨ ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج ١ / ٢٣٧.