وقال محمّد بن عليّ الصيني يمدح طاهر بن الحسين (١) :
كأنّك مطلع في القلوب |
|
إذا ما تناجت أسرارها |
فكسرات طرفك ممتدّة |
|
إليك بغامض أخبارها |
ودخل طاهر بن الحسين على المأمون ذات يوم ، فلما رآه المأمون ، ترقرقت عيناه بالدموع ، فقال طاهر : (يا أمير المؤمنين ، لم تبك ، لا أبكى الله عينيك ، والله لقد دانت لك البلاد ، وأذعن لك العباد ، وصرت إلى المحبة في كلّ أمرك)؟ (٢).
فقال المأمون : (أبكي لأمر ، ذكره ، ذلّ ، وستره حزن ، ولن يخلو أحد من شجن) (٣). فلما خرج طاهر من عند المأمون ، أعطى لكاتب المأمون مائة ألف درهم وأعطى لخادمه (حسين) مائتي ألف درهم ، وطلب منه أن يسأل المأمون عن سبب بكائه (٤).
وبعد ما تغدّى المأمون ، طلب من خادمه (حسين) أن يسقيه ، فقال الخادم : لا والله لا أسقيك حتّى تقول لي : لم بكيت حينما دخل عليك طاهر؟
فقال له المأمون : وما ذا يعنيك من أمر ذلك؟
فقال الخادم : لغمّي عليك وتأثري.
فقال المأمون : (إنّي ذكرت محمّدا (أخي) وما أصابه من الذلّ ، فخنقتني العبرة ، فاسترحت إلى الإفاضة ، ولن يفوت طاهرا منّي ما يكره) (٥).
ثمّ تمكّن طاهر بن الحسين ، وبذكائه الحاد ، أن يأخذ موافقة المأمون
__________________
(١) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٢ / ٨٠٦.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٣٦٠ و٣٦١.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) نفس المصدر اعلاه.