عندها قرر المأمون الذهاب إلى بغداد ، ولمّا خرج من (مرو) (١) هجم جماعة على الفضل بن سهل فقتلوه في الحمام ، ولمّا علم المأمون بذلك ، أمر بقتل قاتليه ، وإرسال رؤوسهم إلى أخيه الحسن بن سهل في واسط ، وأخبره بأنّه قد أصبح في مكان أخيه (٢).
وكان الحسن بن سهل كثير العطايا للشعراء وغيرهم ، وقد قال فيه الشاعر (٣) :
وكأنّ آدم كان قبل وفاته |
|
أوصاك وهو يجود بالحوباء |
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم |
|
وكفيت آدم عيلة الأمناء |
وقال فيه أحد الشعراء أيضا (٤) :
تقول خليلتي لمّا رأتني |
|
أشدّ مطيتي من بعد حل |
أبعد الفضل ترتحل المطايا |
|
فقلت : نعم إلى الحسن بن سهل؟ |
وذهب عليّ بن عبيدة إلى الحسن بن سهل في (فم الصلح) فبقي ثلاثة أشهر على بابه ، ولم يسمح له بالدخول عليه ، فكتب إليه هذه الأبيات (٥) :
مدحت ابن سهل ذي الأيادي وماله |
|
بذاك يد عندي ولا قدم |
وما ذنبه والناس إلّا أقلّهم |
|
عيال له إن كان لم يك لي جدّ |
سأحمده للناس حتّى إذا بدا |
|
له فيّ رأي عاد لي ذلك الحمد |
فكتب إليه الحسن بن سهل : (باب السلطان يحتاج إلى ثلاث خلال :عقل ، وصبر ، ومال). فكتب إليه عليّ بن عبيده : (لو كان لي مال ، لأغناني عن الطلب إليك ، أو صبر ، لصبرت عن الذلّ ببابك ، أو عقل ، لاستدللت به
__________________
(١) مرو : عاصمة خراسان.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٣٤٨.
(٣) الحصري ـ زهر الآداب. ج ٦ / ٢٢٦.
(٤) محمّد بن شاكر الكتبي ـ عيون التواريخ. ص / ٢٤١.
(٥) الحصري ـ زهر الآداب. ج ١ / ٣٥٤.