بسيئة ، وقد شفى الغليل ، وأدرك الثأر). ثمّ التفت إلى عليّ بن عبيد الله وقال : ما ذا تقول يا أبا الحسن ، رضي الله عنك؟ أمدد يدك نبايعك. فقال عليّ مخاطبا محمّد بن محمّد : (فامضي رحمك الله لأمرك ، واجمع شمل ابن عمّك ، فقد قلدناك الرياسة علينا وأنت الرضا عندنا ، والثقة في أنفسنا) (١). ثمّ التفت إلى أبي السرايا ، وقال له : أرضيت بما سمعت؟ فقال له أبو السرايا : (رضائي من رضائك ، وقولي من قولك) (٢). عندها أخذوا بيد محمّد بن محمّد بن زيد فبايعوه.
وبعد ذلك فرّق محمّد بن محمّد عمّاله ، فولّى إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل بن جعفر على الكوفة ، وعيّن روح بن الحجاج على الشرطة ، وأحمد ابن السري الأنصاري على الرسائل ، وعاصم بن عامر على القضاء.
ثمّ تتابعت الكتب على محمّد بن محمّد بالفتوح من كلّ ناحية ، وكتب إليه أهل الجزيرة ينتظرون أن يرسل إليهم رسولا ، ليسمعوا له ويطيعوا.
وكان الحسن بن سهل قد أرسل أحمد بن عمرو الذهلي (أبا البط) لمحاربة أبي السرايا سنة (١٩٩) للهجرة ، فأرسل أبو السرايا إليه محمّد بن محمّد ، فالتقى محمّد مع أبي البطّ في (ساباط) فكانت معركة بينهما ، إنهزم فيها أبو البطّ (٣).
وعند ما دخل هرثمه بن أعين إلى الكوفة سنة (٢٠٠) (٤) للهجرة هرب أبو السرايا منها ومعه محمّد بن محمّد ، فقبض عليهما حماد الاندغوش في ناحية (السوس) فبعث بهما إلى الحسن بن سهل فقتل أبا السرايا وبعث
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ١٠ / ٢٤٤ وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج ١٠ / ٢٤٨.
(٢) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥٣٢.
(٣) تاريخ ابن خياط. ج ٢ / ٤٦٩.
(٤) تاريخ ابن خياط. ج ٢ / ٤٧٠ وابن قتيبة ـ المعارف. ص ٣٨٨.