حميد : ألم أعلمك بذلك ، ولكنك خدعت؟ (١)
ثمّ ذهب سعيد بن الساجور (والقادة الذين معه) إلى الكوفة ، فنزلوا في (الحيرة) فلقيهم أبو عبد الله (أخو أبي السرايا) وعليّ بن محمّد بن جعفر (العلوي) ومعهم جماعة آخرين أرسلهم العبّاس بن موسى بن جعفر ، فكانت معارك ضارية بينهم ، وكانت كلّ جماعة حينما تهجم على الأخرى ، تحرق كلّ شيء تجده ، فلمّا رأى أهل الكوفة ذلك ذهبوا إلى سعيد بن الساجور ، وطلبوا منه الأمان للعباس بن موسى بن جعفر على أن يخرج من الكوفة ، فوافق سعيد على ذلك (٢) ، ثمّ ذهبوا إلى العبّاس بن موسى وقالوا له : بأنّ أكثر الذين معه هم من الغوغاء ، وقد كثر القتل والسلب والحرق ، لذا يطلبون منه ترك الكوفة ، مع إعطائه الأمان له ولأصحابه فوافق العبّاس أيضا.
وفي الخامس من شهر رجب من سنة (٢٠٢) (٣) للهجرة ، دخل سعيد ابن الساجور وأبو البط إلى الكوفة (بعد أن تركها العبّاس بن موسى بن جعفر) فنادى المنادي : (أمن الأبيض (٤) والأسود) (٥) ولم يتعرضوا لأحد بسوء.
وقيل إنّ سعيدا وأبا البطّ ، دخلا الكوفة سنة (٢٠١) (٦) للهجرة. ثمّ جعلوا على الكوفة (الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي) أميرا عليها.
وكتب إليهم إبراهيم بن المهدي (الخليفة في بغداد) يأمرهم بالذهاب
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٥٩.
(٢) المصدر السابق. ج ٨ / ٥٦١.
(٣) نفس المصدر السابق وابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٣٤٤.
(٤) الأبيض : كان شعار أبي عبد الله (أخو أبي السرايا) عند ما ثار بالكوفة.
(٥) الأسود : شعار العباسيين.
(٦) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٤٧.