دعاني شهر الصوم لا كان من شهر |
|
وما صمت شهرا بعده آخر الدهر |
فلو كان يعديني الإمام بقدرة |
|
على الشهر لأستعديت جهدي على الشهر |
ولم يعش أبو عيسى حتّى يصوم شهرا آخر
وفي سنة (٢٠٧) للهجرة ، أقام الحجّ بالناس أبو عيسى بن هارون الرشيد (١).
مات أبو عيسى بن هارون الرشيد سنة (٢٠٨) (٢) للهجرة ، وقيل سنة (٢٠٩) (٣) ، فصلّى عليه أخوه المأمون ، ونزل في قبره وقال (٤) :
سأبكيك ما فاضت دموعي فإنّ نقص |
|
فحسبك منّي ما تجن الجوانح |
كأن لم يمت حيّ سواك ولم تقم |
|
على أحد إلّا عليك النوائح |
ثمّ أقام له المأمون مجلس عزاء ، فدخل عليه محمّد بن عبّاد يعزّيه ، فقال له المأمون : (يا محمّد ، حال القدر ، دون الوطر) (٥). فقال له محمّد : (يا أمير المؤمنين ، كلّ مصيبة ما أخطأتك شوى ، فجعل الله الحزن لك لا عليك) (٦).
ثمّ حزن عليه المأمون حزنا شديدا ، وامتنع عن الطعام والشراب أياما ولياليا فدخلت عليه (عريب) وكان عنده أحمد بن أبي داود وعمرو بن مسعده يواسونه ويخففون عنه هول المصيبة بما يحفظونه من الشعر ،
__________________
(١) تاريخ خليفة بن خياط. ج ٢ / ٧٧١ وتاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٩٦ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٠ / ١٦١.
(٢) تاريخ خليفة. ج ١ / ٤٧٣.
(٣) ابن الجوزى ـ المنتظم. ج ١ / ٢٠٠.
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) الصولي ـ أخبار الراضي. ص ٧٥.
(٦) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٤ / ٢١١.