يشكو حبه وغرامه بتلك الجارية ، وطلب منه ثمنها ، وقد ضمن طلبه ببيتين من الشعر ، فذهب أبو عيسى إلى أخيه المأمون وقال له : (إن التيمي مغرم بجارية ، وكتب اليّ ببيتين يطلب ثمنها. فقال المأمون : وما هما؟ فقال (١) :
يا أبا عيسى إليك المشتكى |
|
وأخو الصبر إذا عيل شكا |
ليس لي صبر على فقدانها |
|
وأعاف المشرب المشتركا |
فأعطاه المأمون ثلاثين ألف درهم ، فاشتراها.
وكان (أبو حفص) (٢) الشطرنجي ينادم أبا عيسى ، ويقول له الشعر ، وكذلك مع أخيه صالح ، وأخته ، وعمّتهم (علية) وكان بنو الرشيد يزورونه ، ويأنسون به ، فمرض ذات يوم ، فعاده جميع آل الرشيد ما عدا أبو عيسى ، فكتب إليه شعرا (٣) :
إخاء أبي سعيد إخاء ابن ضرّة |
|
ووديّ ودّ لأبن أمّ ووالد |
ألم يأته أنّ التأدّب نسبة |
|
تلاصق أهواء الرجال الأباعد |
فما باله مستعذبا من جفائنا |
|
موارد لم تعذّب لنا من موارد |
أقمت ثلاثا حلف حمى مضرة |
|
فلم أره في أهل ودّي وعقائدي |
سلام هي الدنيا قروض وإنّما |
|
أخوك مديم الوصل عند الشدائد |
ويحكى : أنّ أبا عيسى ، كان مع جماعة يتراءون هلال شهر رمضان ، وعند ما رأوا الهلال فرحوا كثيرا ، وأخذوا يذكرون الله ويحمدونه ، أما هو فقد قال كلاما استنكره الناس عليه ، ثمّ أردف قائلا (٤) :
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٠ / ٥٣.
(٢) أبو حفص : هو عمر بن عبد العزيز ، نشأ في دار الخليفة المهدي مع أولاده ومواليه ، وكان كأحدهم ، وكان شغوفا بلعب الشطرنج ، وماهرا به ، ولذلك لقب بالشطرنجي.
(٣) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٢ / ٤٩.
(٤) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج ٧ / ٢١٣.