فوق طاقته ، ويأمر وزيره (الفتح بن خاقان) أن يضربه (١).
وعند ما بويع (المنتصر) بالخلافة ، ولّى أبا عمرة (أحمد بن سعيد) على المظالم ، فقال الشاعر (٢) :
يا ضيعة الإسلام لمّا ولى |
|
مظالم الناس أبو عمره |
صيّر مأمونا على أمة |
|
وليس مأمونا على بعره |
وقيل : لمّا قتل (المتوكّل) قتله الترك بمواطئة أبنه (المنتصر) ولمّا آل الأمر إلى ابنه الآخر (المعتزّ) ، كانت (قبيحة) أمّه تحرّضه على الانتقام من قتلة أبيه ، وذات يوم جائته بقميص (المتوكّل) الّذي قتل فيه ، وأخذت تبكي ، فقال لها (المعتزّ) : (يا أمّاه ، ارفعي القميص وإلّا صار قميصين) (٣).
فعندها هدأت وسكتت.
وكان المنتصر راغبا في الخير ، قليل الظلم ، محسنا إلى العلويين ، وصولا إليهم وقد أزال عن آل أبي طالب ما كانوا يعانونه من الخوف والقلق ، بمنعهم من زيارة قبر الحسين عليهالسلام ثمّ استرجع (فدك) (٤) إلى آل
__________________
(١) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ٤ / ٥٥.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١٠٩.
(٣) محمود مقديش ـ نزهة الأنظار. ج ١ / ٣٣.
(٤) فدك : قرية بالحجاز تبعد عن المدينة المنورة يومان وقيل ثلاثة (معجم البلدان. ج ٤ / ٢٣٨). وهي قرية من قرى اليهود تبعد عن خيبر أقل من مرحلة (مجمع البحرين. ج ٥ / ٢٨٣) ، لم يفتحها المسلمون بالقوة العسكرية ، وإنّما هي مما أفاء الله تعالى بها على نبيه الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم في السنة السابعة صلحا. ولمّا صارت فدك بيد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم نزلت الآية الكريمة (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (سورة الإسراء : الآية ٢٦) وأن النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا ابنته فاطمة الزهراء سلام الله عليها فأعطاها فدكا والعوالي ، وقال لها : (هذا قسم قسّم الله لك ولعقبك) (الدر المنثور. ج ٢ / ١٥١ وكنز العمال. ج ٢ / ١٥٨) ، وتصرفت بها تصرف المالك في ملكه ، وبعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذها أبو بكر وضمها إلى بيت المال ، وبعد مجيء عثمان بن عفان إلى الخلافة ، وهبها إلى مروان بن الحكم ، وكان ذلك من أسباب النقمة عليه ، حسب ما ذكره المؤرخون (العقد الفريد. ج ١ / ١٩٨) وبعد موت مروان توارثها أبناؤه إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز إلى الخلافة فأخذها منهم وردها صدقة (تاريخ أبو الفداء. ج ١ / ١٦٨).