فقال المتوكّل للمغنين : هيّا غنّوا (١) :
غار الفتى لابن عمّه |
|
رأس الفتى في حر أمّه |
وبعد مقتل (المتوكّل) ازدادت سيطرة الأتراك على القصر العباسي ، وخاصّة بعد أن تسلّم المنتصر الخلافة بمساعدتهم ، فأصبح الأتراك هم المسيّرين لدفّة الحكم في البلاد يعزلون الخلفاء ويعيّنونهم ، ويسملون عيونهم ، ويقتلونهم.
ويبدو أنّ المرارة في نفس المنتصر ، قد دفعته (بعد موافقته على قتل أبيه) على التخلّص من الأتراك ، فأخذ يسبّهم ويشتمهم ويقول : (هؤلاء قتلة الخلفاء) ، ولكنّ الأتراك ، وبما لديهم من الخبرة الكافية ، أحسّوا بالخطر المحدق بهم إذا ما سيطر المنتصر على زمام الأمور ، فسارعوا إلى رشوة طبيبه الخاصّ (ابن طيفور) فأعطوه ثلاثين ألف دينار ، فدسّ له السمّ في شهر ربيع الآخرة من سنة (٢٤٨) (٢) للهجرة وقيل وضع له السمّ في (كمثراة) عرموطة. وقيل إنّ ابن طيفور هذا ، قد مرض ، فطلب من غلامه أن يعطيه دواء فأعطاه الدواء ، وكان فيه بقية من السم الّذي أعطاه للمنتصر ، فلما شربه مات ابن طيفور.
مات المنتصر في الخامس من شهر ربيع الآخر من سنة (٢٤٨) (٣) للهجرة ، وعمره (٢٥) سنة ، فلم يتمتع بالخلافة إلّا أشهرا معدودة دون السنة ، وقيل مات في اليوم الثالث من الشهر المذكور ، وقيل في اليوم الرابع
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ٧٥.
(٢) الهفيفي ـ موسوعة (١٠٠٠) حدث إسلامي. ص ١٢١.
(٣) الطبري. ج ٩ / ٢٢٢ و٢٥١ والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج ٢ / ١١٩ والزمخشري ـ ربيع الأبرار.
ج ٤ / ٣٣ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٢ / ١٥ والسيوطي ـ تاريخ الخلفاء. ص ٤٠٥ والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج ١ / ٢٣٥ والترمانيني ـ أزمنة التاريخ الإسلامي. ج ١ / ٨٥٦. وعبد الكريم العفيفي ـ موسوعة (١٠٠٠) حدث إسلامي. ص ١٢١.