ابن طاهر بذلك قطع الميرة عن سامراء ، وكتب إلى عامله على (الأنبار) وكذلك عامله على (الموصل) بمنع السفن والميرة إلى سامراء ، ثمّ أخذ بتحصين بغداد ، وحفر الخنادق حول جانبيها ، وكتب (المستعين) أيضا إلى كافّة (عمّال الخراج) بإرسال الأموال إلى بغداد بدلا من سامراء ، وكتب أيضا إلى القادة الأتراك في سامراء بنقض البيعة (للمعتز).
ثمّ جرت مكاتبات بين (المعتز) وبين محمّد بن عبد الله ، فكان (المعتز) يطلب من ابن طاهر أن يبايعه ، وكان ابن طاهر من جانبه يطلب من (المعتز) الرجوع إلى بيعة (المستعين).
ثمّ إنّ (المعتز) عقد لأخيه (الموفّق) أبي أحمد بن المتوكّل على حرب (المستعين) ومحمّد بن عبد الله ، وضمّ إليه الجيش ، وجعل الأمور كلّها بيده وجعل التدابير العسكرية بيد (كلباتكين) (١) ، وبعد معارك بين الطرفين ثمّ الاتّفاق على خلع (المستعين) والمبايعة (للمعتز) ، كان ذلك سنة (٢٥٢) للهجرة (٢).
ثمّ طلب (المعتز) من محمّد بن عبد الله أن يسلم (المستعين) إلى (سيما الخادم) فكتب محمّد إلى الموكّلين بالمستعين في (واسط) بتسليمه ، فأخذه سعيد بن صالح إلى بيته ، وأخذ يعذّبه حتّى مات ، وقيل وضع حجرا في رجله ورماه في نهر دجلة ، وقيل غير ذلك (٣).
ولعلّ أكبر جريمة اقترفها محمّد بن عبد الله بن طاهر هي قتله يحيى ابن عمر ، ثمّ جلوسه للتهنئة بقتله .. وسنذكر ذلك عند ترجمة يحيى بن عمر.
__________________
(١) كلباتكين : أحد القادة الأتراك.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١٦٧.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١٧٢.