وفي سنة (٢٤٨) للهجرة ، كان (المنتصر بالله) قد أرسل جيشا لغزو الروم بقيادة (وصيف التركي) وأرسل معه بعض القادة ، وكان على مقدمة الجيش مزاحم بن خاقان (١).
وفي سنة (٢٥٢) للهجرة ، أرسله الخليفة (المعتزّ بالله) إلى الأسكندرية لقمع الثورة الّتي قامت فيها على أمير مصر (يزيد بن عبد الله) فذهب مزاحم إلى هناك ، وتمكّن من إخمادها.
وفي سنة (٢٥٣) للهجرة ، ولّاه (المعتزّ بالله) إمارة الديار المصرية ، فوصلها في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول من هذه السنة ، بعد عزل أميرها السابق (يزيد بن عبد الله) التركي ، وسكن في المعسكر على عادة أمراء مصر ، وجعل على شرطته (أرحوز) (٢).
وأخذ مزاحم بن خاقان يحارب الفساد ، فثارت عليه جماعة كبيرة من المصريين فقاتلهم قتالا شديدا ، ثمّ قاتل المصريين في أماكن عديدة من مصر ، فقد قاتلهم في الوجه البحري ، فقتل الكثير منهم ، وأسر الكثير أيضا ، ثمّ ذهب إلى الجيزة ومنها ذهب إلى الفيوم.
وكان مزاحم بن خاقان ، قد منع النساء الخروج من بيوتهن ، والذهاب إلى الحمّامات والمقابر ، وحبس المتخنثين والنائحات ، ومنع الناس من الجهر بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة بالجامع ، ثمّ أمر أهل الجامع بمساواة الصفوف في الصلاة ، ووكّل بذلك رجلا يقوم بضرب الناس بالسوط من مؤخر المسجد ، وأمر أن تصلى التراويح في شهر رمضان خمس تراويح ، وكانوا قبل ذلك يصلونها ستّا ونهى أيضا أن تشق الثياب على الميّت ، أو يسوّد الوجه ، وعاقب الناس بشدّة.
__________________
(١) نفس المصدر السابقين.
(٢) الكندي ـ ولاة مصر. ص ٢٣٧ والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج ١ / ٢١١.