ثمّ جرت مشاورات بين الخليفة (المقتدر) وبين المظفر (مؤنس) على إخراج ياقوت وابنيه من بغداد ، فبعث (المقتدر) إلى ياقوت يأمره بالخروج من بغداد ، والذهاب إلى أيّ مكان يشاء. فخرج ياقوت وأصحابه محمّلين بالسلاح وبالمال.
ثمّ رجع (مؤنس المظفر) إلى داره ، وأحرقت دور ياقوت وولده.
وتتابعت الأيّام ودارت (١) ، وإذا بمؤنس المظفر يخرج من بغداد مغضوبا عليه من قبل الخليفة (المقتدر). وتدور الأيّام ثانية ، وبأسرع مما دارت سابقا ، فيعود مؤنس إلى بغداد بعد أن التحق به كثير من القادة والجند ، فتقع معركة عنيفة بين المقتدر من جهة وبين مؤنس المظفر من جهة أخرى ، أسفرت عن قتل الخليفة (المقتدر بالله) وقطع رأسه ، وجيء به إلى مؤنس المظفر ، كان ذلك سنة (٣٢٠) للهجرة ، وقد اشترك في هذه المعركة ياقوت وولده إلى جانب المقتدر (٢).
وكان (المقتدر) قد أمر بعزل (ياقوت) عن الحسبة سنة (٣١٩) للهجرة ، وابنه (محمّد) عن الشرطة ، وإبعادهما عن الحضرة السلطانية ، وتعيين (ياقوت) على إمارة فارس وكرمان وتعيين ابنه (المظفر) على إمارة أصبهان ، وتعيين ابنه الآخر (محمّد) على إمارة سجستان (٣).
وفي سنة (٣٢٣) للهجرة ، اسندت الحجبة ورئاسة الجيش إلى (محمّد ابن ياقوت) فاستبدّ هذا برأيه ، وطالب
أصحاب الدواوين بحضور مجلسه ،
__________________
(١) ورحم الله الشاعر حيث قال :
لعب الكراة يلذ كالدنيا لنا |
|
فبه كتلك تنازع وزحام |
ما بين أرجلهم هوت فغدوا بها |
|
يتدالون كأنها الأيّام |
من يحضى فيها فارقته بلحظة |
|
مثل السعادة مبدأ فختام |
(٢) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص ١٥٣.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٨ / ٢٢٤.