فيهم قتلا وسلبا ، عندها هرب الحجّاج عائدين إلى الكوفة ، تاركين جمالهم وأمتعتهم ، فتبعهم القرمطي إلى الكوفة وكان فيها آنذاك من قادة الخليفة (جني الصفواني وثمل الطوسي وطريف السبكري) فوقعت بينهم معركة ، قتل فيها الكثير من جيش الخليفة ، وانهزم الباقون إلى بغداد ، ثمّ دخل أبو طاهر القرمطي (لأوّل مرّة) إلى الكوفة فاستولى على ما في أسواقها من الطعام والأموال ، ثمّ عاد إلى البحرين ، ومعه عدد كبير من الأسرى ، مات أكثرهم في الطريق من الجوع والعطش ، وقيل إنّ عدد الأسرى قد بلغ (٢٢٢٠) رجلا و (٥٠٠) امرأة. وكان عدد جيش القرمطي ثمانمائة فارس ، ومثلهم من الرجّالة ، وكان عمر أبو طاهر حينذاك (١٧) (١) سنة. وقيل في هذه السنة أي سنة (٣١٢) للهجرة ، هجم أبو طاهر القرمطي على قافلة للحجّاج على طريق الكوفة ، وذلك عند رجوعهم من مكّة ، فقتلوا ، ونهبوا ، وأسرّوا ، وسبوا النساء والصبيان ، ثمّ عادوا إلى (هجر) وتركوا الحجّاج في أماكنهم ، فمات أكثرهم ، حيث لا ماء ولا طعام عندهم ، وكان من جملة الأسرى (أبو الهيجاء ، وأحمد بن بدر عمّ والدة المقتدر) وكان لتلك الحادثة الأثر الكبير على أهالي بغداد ، حيث خرجت النساء صارخات ، وهنّ يردّدن : (القرمطي الصغير (أبو طاهر) قتل المسلمين بطريق مكّة ، والقرمطي الكبير (ابن الفرات) (٢) قد قتل المسلمين ببغداد (٣).
وقيل عند ما دخل أبو طاهر القرمطي إلى الكوفة ، أقام في ظاهرها فيدخلها نهارا ، ويقيم في مسجد الكوفة إلى الليل ، ثمّ يخرج فيبيت في
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٣ / ٢٣٩.
(٢) ابن الفرات : وزير المقتدر.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٨ / ١٤٧ و١٥٦ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٣ / ٢٤٠.