وفي سنة (٣١١) للهجرة ، أطلق سراح يوسف ، وذهب إلى دار الخلافة ، فعقد له الخليفة (المقتدر) على أعمال الصلاة والمعاون والخراج بالريّ والجبال وأذربيجان على أن يرسل إلى السلطان خمسمائة ألف دينار في كلّ سنة (١).
وفي سنة (٣١٥) للهجرة ، وردت الأخبار بأن أبا طاهر القرمطي قد تحرك من (هجر) (٢) يريد الكوفة فكتب الخليفة (المقتدر) إلى يوسف بن أبي الساج يأمره بالذهاب إلى الكوفة لمحاربته ، ومنعه من دخول الكوفة ، كما أنّ الوزير عليّ بن عيسى أمر (عمّال الكوفة) بإعداد الميرة ليوسف.
ولمّا وصل يوسف إلى الكوفة ، كان القرمطي قد وصلها قبله ، فاستولى على جميع ما أعدّ ليوسف من مؤونة.
وعند ما التقى يوسف بالقرمطي عند باب الكوفة ، استهزأ يوسف بالقرمطي وجيشه ، وذلك لقلّة جيش القرمطي ، وكثرة جيشه ، وقال : (إن هؤلاء الكلاب بعد ساعة يكونون في يدي) وأراد أن يكتب إلى الخليفة كتاب الفتح والبشارة بالظفر ، قبل التقاء الجيشين تهاونا بهم ، ثمّ دارت المعارك بينهما من الصباح حتّى المساء ، ولمّا رأى يوسف شدة الحرب وضراوتها ، باشر الحرب بنفسه في اليوم الثاني ، وعند ما بدأت الحرب ، كانت أشد ضراوة من اليوم الأول وقد تمّ أسر يوسف بعد أن أصيب بعدّة جراحات ، وانهزم جيشه.
وجيء بيوسف إلى خيمة في معسكر القرمطي لمعالجته ، فقال الطبيب : (سألني يوسف عن أهلي وعن أسمي ، فأخبرته ، فوجدته عارفا بهم ، أيّام
__________________
(١) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص ٢٢٥.
(٢) هجر : مدينة كبيرة ـ عاصمة الأحساء ، تكثر فيها زراعة النخيل ، وبها يضرب المثل المشهور (كناقل التمر إلى هجر).