هارون : إنّ واردات الدينور قليلة جدا ، وهي لا تكفي رواتب جنده لكثرتهم ، عندها أرسل الخليفة (الراضي بالله) إليه (محمّد بن ياقوت القراريطي) وأمره أن يبلغ هارون بالذهاب إلى خراسان ، حيث قلده عليها.
فقال له هارون : بأنّ جنوده لا يرضون بهذا ، كما أنه لا يوجد شخص أحقّ منه في خدمة الخليفة ، فقال له ابن ياقوت : لو تراعي أمير المؤمنين ما عصيته ، فحصلت بينهما مشادّة كلامية.
ثمّ تقدم هارون بجيشه نحو بغداد ، فالتقى بجيش محمّد بن ياقوت ، فكانت معركة بينهما ، انتهت بمقتل هارون بن غريب الخال ، وذلك في شهر جمادي الآخر سنة (٣٢٣) (١) للهجرة.
وقيل سقط هارون من على فرسه ، فلحقه خادمه ، وقيل خادم أبيه ، فضربه ضربة مميتة ، ثمّ جاء بعده غلام أسود فذبحه ، وأرسل برأسه وبرؤوس أصحابه إلى الخليفة (الراضي) فنصبت الرؤوس على باب (٢) العامة ببغداد. وقيل إنّ الّذي قتله هو محمّد بن ياقوت ، يوم الثلاثاء في السابع والعشرين من شهر رجب سنة (٣٢٢) (٣) للهجرة.
وقيل عند ما ثار قادة الجيش على الخليفة (المقتدر) سنة (٣١٧) فخلعوه ، ودخلوا قصره فنهبوه ، وأرادوا قتله ، إلّا أنّ مؤنس المظفر قد تمكن من إخراج المقتدر مع ابنه (عبد الواحد) وأمّه ، وأرسلهم إلى قصره ، فذهب الجند بعد ذلك إلى قصر هارون بن غريب الخال فنهبوه ، حتّى صارت بغداد
__________________
(١) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ٨ / ١٨١.
(٢) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص ٢٨٧.
(٣) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص ٧ والزركلي ـ الأعلام. ج ٩ / ٤٣ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٢٨٩. والذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج ٢٤ / ٢٦.