وفي سنة (٣٢٩) للهجرة ، مرض الراضي ، فكتب إلى بجكم ، يعلمه بشدة مرضه ، ويسأله أن يعقد ولاية العهد لابنه الأصغر (أبو الفضل) (١).
وكان بجكم قد سكن مدينة واسط ، وجعلها مقرّا له ، وكان عادلا ، وكان يقول : (قد نبئت أنّ العدل أربح للسلطان في الدنيا والآخرة). وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين في واسط ، وبدأ ببناء مستشفى في بغداد سنة (٣٢٩) للهجرة ، وجدّده عضد الدولة فيما بعد سنة (٣٦٨) للهجرة ، وزودها بالأطباء والممرضين (٢).
ويحكى أنّ رجلا من الصوفية ، جاء إلى بجكم فوعظه (باللغة العربيّة والفارسيّة) فبكى بجكم بكاء شديدا ، ولمّا ذهب ذلك الصوفي ، قال بجكم لأحد غلمانه : اتبع هذا الصوفي واعطه ألف درهم ، ثمّ قال بجكم : (ما أظنّه يقبلها ، وهو على حاله هذه من العبادة) وأيش يعمل بالدراهم؟
ولمّا رجع الغلام سأله بجكم : وهل أخذ الدراهم؟ قال الغلام : نعم.
فقال بجكم : (كلّنا صيادون ، ولكنّ الشباك تختلف) (٣).
وكان بجكم ، يفهم اللغة العربية ، ولكنّه لا يتكلّم بها ، ويقول : (أخاف أن أخطئ ، والخطأ من الرئيس قبيح) (٤) (٥).
وكان بجكم التركي ، قد عشق جارية من القيان يقال لها (فتوّة) جارية الهاشميّة ، فكان يحضر مجلسها ، ويستمع إليها ، ويعطيها كلّما تطلب ، إلّا أنّه لا يبوح بحبّه لها ، وذلك ترفّعا منه وأنفة ، وقد اشترى لها عودا ذات يوم لتغنّي به فسكر ، وخسف وجه العود ، فملأه لها دراهم ، فكانت أكثر من
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٣ / ٣٨٢.
(٢) آدم متيز ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع للهجرة. ج ٢ / ٢٠٧ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٣٢٠.
(٣) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٣٢٢.
(٤) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص ١٩٤ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٣٢٠.
(٤) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص ١٩٤ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٣٢٠.