عند ذلك عزل جبير عن الكوفة ، وولّاها المغيرة (١). وبقي المغيرة أميرا على الكوفة إلى سنة (٢٤) للهجرة حيث عزله الخليفة عثمان بن عفّان ، وولّى مكانه سعد بن أبي وقّاص (٢).
وعند وصول المغيرة بن شعبة إلى الكوفة ، سأل عن هند بنت النعمان ابن المنذر (٣) ، فقيل له : إنّها في" دير" لها بالحيرة مترهّبة ، فذهب اليها ، فوجدها عمياء ، وقد بلغت من العمر عتيّا ، فسلّم عليها ، وقال لها : (أنا المغيرة بن شعبة). فقالت له : أنت عامل هذه المدرة (٤)؟. قال : نعم.
قالت فما حاجتك؟ قال : جئتك خاطبا.
قالت هند : (أما والله لو كنت تبغي جمالا ، أو دينا ، أو حسبا ، لزوجناك ، ولكنك أردت أن تجلس في موسم من مواسم العرب ، فتقول : تزوجت بنت النعمان بن المنذر ، وهذا والصليب لا يكون أبدا ، أو ما يكفيك فخرا أن تكون في ملك النعمان بن المنذر ، وتدير بلاده كيف تشاء). (٥)
وقيل إنّها قالت له : (وإلّا فأيّ فخر في اجتماع شيخ أعور وعجوز شمطاء .. إذهب). ثمّ أخذت تبكي.
فخرج المغيرة وهو يقول (٦)
__________________
(١) ابن حبان ـ الثقات. ج ٢ / ٢٣٤.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٤ / ٢٤٤.
(٣) هند : وهي بنت النعمان بن المنذر" ملك الحيرة". تزوجت من عدي بن زيد بن حماد الشاعر وعمرها (١١) سنة. فقال فيها عدي :
مستسر فيه نصب وأرق |
|
علق الأحشاء من هند علق |
ثمّ قتله النعمان بن المنذر ، عندها ترهبت وحبست نفسها في الدير المعروف باسمها في الحيرة (دير هند). أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢ / ١٣٠.
(٤) المدرة : المنطقة ، الناحية ، ونقصد بها الكوفة.
(٥) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٨٥ والعمري ـ مسالك الأبصار. ج ١ / ٣٢٥.
(٦) المصدر الاول السابق. ج ١٦ / ٨٩.