بإحدى بنات مسعود بن نعيم النهشلي (١).
وكتب عثمان بن عفّان إلى أهل الكوفة حين ولّاهم سعيد بن العاص فقال : (أما بعد ، فإنّي ولّيتكم الوليد بن عقبة ، غلاما حين ذهب شرخه ، وشاب حلمه وأوصيته بكم ، ولم أوصيكم به ، فلمّا أعيتكم علاميته ، طعنتم في سريرته ، وقد وليكم سعيد بن العاص ، وهو خير عشيرته ، وأوصيكم به خيرا ، فاستوصوا به خيرا) (٢).
وعند ما خرج سعيد من المدينة إلى الكوفة ، أخذ يرتجز في طريقه فيقول (٣) :
ويل نسيات (٤) العراق منّي |
|
كأنّي سمعمع (٥) من جنّ |
ولمّا وصل سعيد إلى الكوفة ، ودخل المسجد ، أمر بغسل المنبر ، وقال : إنّ الوليد كان رجسا ، نجسا ، ولم يصعد المنبر حتّى غسلوه ، وذلك انتقاما من الوليد وانتقاصا من شخصيته ، لأنّ الوليد كان أسخى نفسا ، وألين جانبا ، وأرضى عند أهل الكوفة من سعيد ، وقال بعض شعراء الكوفة (٦) :
فررت من الوليد إلى سعيد |
|
كأهل الحجر (٧) إذ جزعوا فباروا |
ولمّا صعد سعيد المنبر ، ذمّ أهل الكوفة ، متهما إيّاهم بالشقاق والخلاف ، وقال أيضا : (والله بعثت اليكم ، وإنّي لكاره ، ولكنّي لم أجد بدّ إذ أمرت .. ألا إنّ
__________________
(١) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٥ / ٣١.
(٢) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٣٠٧.
(٣) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٥ / ١٤٥.
(٤) نسيات : وقيل شباب.
(٥) سمعمع : السريع الخفيف ، والخبيث اللبق.
(٦) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٥ / ١٤٥ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ١٠٨.
(٧) الحجر : اسم ديار ثمود في وادي القرى بين المدينة والشام.