الصلح والذمّة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه ، ولا يرزؤوا (١) واحدا من أهلها شيئا فإنّ لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصّبر عليها ، فكما صبروا لكم ففوا لهم (٢) ، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح ، وإذا وطئت أدنى أرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئنّ إلى نصحه وصدقه ، فإنّ الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدق في بعضه ، والغاشّ عين عليك وليس عينا لك. وليكن منك عند دنوّك من أرض العدوّ أن تكثر الطلائع وتبثّ السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم (٣) ، وتتبع الطلائع عوراتهم.
وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك وتخيّر لهم سوابق الخيل ، فإن لقوا عدوّك (٤) كان أول من يلقاهم أهل القوّة (٥) ، واجعل أمر السرايا إلى أهل الاجتهاد والصبر على الجلاد ، ولا تخصّ بها أحدا بهوى فيضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصّتك. ولا تبعثنّ طليعة ولا سريّة في وجه / [س ٥٤] تتخوّف فيه عليها (٦) ضيعة ونكاية ، فإذا عاينت العدوّ فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك ، واجمع إليك مكيدتك وقوّتك ، ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتال ، حتّى تبصر عورة عدوّك ومقاتله ، وتعرف الأرض كلّها كمعرفة أهلها (٧) ،
__________________
(١) في العقد : ولا يرزأ أحد من الرزء وهو المصيبة.
(٢) في العقد : فما صبروا لكم فتولّوهم خيرا.
(٣) في العقد : وموافقهم؟!
(٤) في العقد : عدوا.
(٥) في العقد : كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك.
(٦) في العقد : تتخوف عليها فيه غلبة أو ضيعة أو نكاية.
(٧) في العقد : كمعرفة أهلها بها.